لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة ( الميزان ) ( 1 ) سيئاته من الآثام ، ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة ، تقول الخلائق : قد هلك هذا العبد . فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله تعالى من الخالدين . فيأتيه النداء من قبل الله عز وجل : يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات فهل لك بأزائها حسنات تكافئها فتدخل جنة الله برحمته أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله ( 2 ) ؟ فيقول العبد : لا أدري . فيقول منادي ربنا عز وجل : فان ربي يقول : ناد في عرصات القيامة ( ألا وإني فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا وقد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ولا حسنات لي بأزائها ، فأي أهل هذا المحشر كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها ، فهذا أو ان شدة حاجتي إليها ) . فينادي الرجل بذلك ، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب : لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي ، المظلوم بعد أوتي . ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجم غفير وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات . فيقول [ ذلك ] ( 3 ) العدد : يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون ، كان بنا بارا ولنا مكرما ، وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا ، وقد تركنا ( 4 ) له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له . فيقول علي عليه السلام : فبماذا تدخلون جنة ربكم ؟ فيقولون : برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك ، ووالى وليك يا أخا رسول الله . فيأتي النداء من قبل الله تعالى : يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له ؟ فاني أنا الحكم ، أما ما بيني وبينه من الذنوب فقد غفرتها له بموالاتها إياك ، وما بينه وبين عبادي من الظلامات ، فلا بد من فصل الحكم ما بينه وبينهم . فيقول علي عليه السلام : يا رب أفعل ما تأمرني .
1 ) ليس في البحار . 2 ) في نسخة ( م ) بوعيد . 3 ) من البحار . 4 ) في نسخة ( ب ، م ) نزلنا .