ه - تولية عمرو علي الصدقة بعمان لا نرى من مؤرخ أو باحث بيننا إلا وهو متفق معنا على مقدرة عمرو الحربية وتصرفه في الأمور بحكمة وروية نادرتين . فلا غرو إذا وضع النبي صلى الله عليه وسلم ثقته فيه لكفاءته ومهارته ، وأسند إليه تولية الأعمال السياسية والدينية الخطيرة . ففي شهر ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملكي عمان ( 1 ) جيفر ( 2 ) وعباد أبنى الجلندي كتابا مع عمرو بن العاص يدعوهما إلى الإسلام . وكان دين البلدة المجوسية وهذا نصه : - بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى جيفر وعباد أبنى الجلندي : سلام على من اتبع الهدى - أما تعد فإني أدعوكما بدعاية الإسلام - أسلما تسلما . فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين . وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما . أه . لم يستخدم النبي صلى الله عليه وسلم عمرا في الحرب فحسب . بل استخدمه في السياسة أيضا لعلمه بدهائه وبعد نظره . فبعث به سفيرا إلى جيفر وعباد ملكي عمان ، حتى إذا ما انتهت سفارته ونجحت دعوته وأسلم أهل عمان على يديه عينه واليا للصدقة عليها جزاء خدمته العظيمة ، فتقلد هذه الوظيفة السامية حتى وفاة الرسول عليه السلام . ولا بد أن يكون لعمرو سابق معرفة ببلاد عمان لتردده عليها قبل إسلامه ، ومعرفته بأحوال أهلها وعاداتهم . فتمكن بحسن سياسته من
1 - عمان ( بضم العين وتخفيف الميم ) بلدة باليمن سميت باسم عمان بن سبأ . وأما عمان ( بفتح العين وشد الميم ) بلدة بالشام . 2 - جيفر على وزن جعفر .