ولما هزم المسلمون الأعداء طمعوا فيهم وأرادوا أن يقتفوا أثرهم فحال عمرو بينهم وبين ما يشتهون . ثم أرادوا أن يوقدوا نارا يصطلون عليها من البرد ، فمنعهم أيضا وأمر بأن من يفعل ذلك يقذف به فيها فشق على المسلمين ذلك ، ولم يحتمل تلك الشدة التي عاملهم بها عمرو وهي تلك الشدة التي رآها من مستلزمات الخطط الحربية التي لا غنى للقائد المدبر عنها . فلما انصرفوا شكوا منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فكلمه في ذلك فقال له عمرو قولا يدل على كفاءته في الحرب وبعد نظره في عواقب الأمور : كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد . فأعجب به رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما إعجاب وحمد رأيه ( 1 ) .