نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 240
كان قرشيا وكان ميل إلى خلافة هاشمية قليلا جدا ، ولأنه رأى أن القوة التي على رأسها عائشة وطلحة والزبير كانت من الضعف بحيث لا تقوى على أن تغلب علي بن أبي طالب على أمره ، أو تفوز بإرجاع الحال إلى ما كانت عليه في عهد أبي بكر ، وقد ظهر له بعد قليل أن هذا الحزب قد انهزم ، فقتل طلحة والزبير وأسرت عائشة . وهنا غير عمرو بن العاص سياسته دفعة واحدة ، وأصبح في حزب عثمان ، لأنه كان كما لا يخفى من أشد الناس دهاء ، وكان لا يعمل عملا إلا إذا تأكد من نجاحه ، يدلك على ذلك أنه لم يسلم إلا بعد أن ظهر له ظهورا بينا أن محمدا صلى الله عليه وسلم سوف ينتصر ، وما كان ذهابه إلى الحبشة إلا ليرى ما يكون من أمر محمد وقريش : فإن كانت الغلبة لقريش كان على أولى أمره مع الرسول الله ، ولم قد خذل قريشا بالقعود عن نصرتها ، ولكنه أسلم ودخل في الإسلام لما رأى أن أمر النبي عليه السلام ظاهر على قريش لا محالة : كذلك كان حاله في هذا الظرف ، فتبين له بثاقب رأيه وبعد نظره أن هذه الثورة لن تنتهي إلا بحدوث انقلاب في حالة الأمة العربية ، ولم يكن عمرو بالرجل الساكن الذي يلتزم الحيدة في مثل ذلك الظروف ، بل لا بد من دخوله في هذه الاضطرابات ، وأن يكون له ضلع فيها ، عسى أن يناله من وراء ذلك ما كان يؤمل منذ زمن طويل ، لأنه كان طموحا إلى العلا . انتظر عمرو يرقب الأمور على بعد ، فرأى أن معاوية بن أبي سفيان لم يكن ليستكين لما يريد به علي ، ولا يستخذى لما يتوقع أن يحيق به من مكروه ، وكان على ذكر من قديم الأحقاد بين البيتين ، ولم ينس معاوية أن عليا قاتل أخيه ومقارع أبيه في مواطن كثيرة أيام الجاهلية ، وهو قريب عثمان : فاستعان عمرا وتعاقدا على النصح والنصرة ، ومعلوم أن المصائب تؤلف بين المصابين والمطامع تؤلف بين الطامعين ، وكان ذلك ما يتمناه عمرو . فأنتج لهما الدهاء أن يطوقا عليا
240
نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 240