حملته له قوالب الألفاظ من أوامر أو نواهي إلهية . . وطبقها هو حرفياً . . وترجيحه لأحد الاحتمالين ، إنما هو بالاستناد إلى الحجج ، والدلائل ، والوسائل التي جعلها الله تعالى له ، والتي لو لم يأخذ بها ، لكان مؤاخذاً عند الله ، ولربما استحق الحرمان من بعض الحقوق ، ومن هذه الوسائل والدلائل : القسم ، ومنها الإشارة الحسية ، فإذا كان هناك خطأ في الترجيح ، فليس هو خطأ النبي آدم ، وإنما هو خطأ الوسيلة المطالب بالعمل بها . . تماماً كما تخطئ البينة في إثبات الحق لفلان من الناس ، وفي حرمانه منه . . ثالثاً : إن مقولة : إذا أصاب المجتهد فله أجران ، وإذا أخطأ فله أجر واحد ، ليس لها أصل ، وإنما هي من روايات غير الشيعة ، وقد تحدثنا عن ذلك في كتابنا « مأساة الزهراء » وغيره . . رابعاً : قول المعتزلة إن النبي آدم « عليه السلام » قد اجتهد وأخطأ في التطبيق ، معناه أن النبي آدم لم يذنب ، لكي يهبه الله عقوبة ذنبه . والقول بأنه قد ارتكب ذنباً صغيراً موهوباً ، معناه أنه لم يجتهد ، بل هو قد تعمد الجرأة على الله وهتك حرمته . . فلماذا يهبه الله ، ولماذا يعفو عنه ؟ ! وكونه موهوباً معناه ثبوت العقوبة ، ثم العفو عنها ، فما معنى قولهم بثبوت المثوبة على ذنب صغير إلى حد نيل درجة الاجتباء والاصطفاء ؟ ! . . وكيف يمكن الجمع بين الاجتهاد ، وبين كونه ذنباً ؟ ! ، ثم الجمع بين كونه قد وهبت عقوبته ، وبين إعطاء المثوبة عليه ؟ ! . خامساً : إن الاجتهاد الذي مارسه النبي آدم إنما هو في تعيين المنهي عنه ، فإذا أخطأ في معرفة المراد ، فلماذا يعاقب ؟ ! . . وموضع وسوسة الشيطان هو بيان سر النهي ، وقد سد الطريق على النبي