الأنبياء [1] . . والظاهر أن سبب هذا الترك هو عدم علم النبي آدم « عليه السلام » بالحقيقة ، فكان الترك أمراً طبيعياً ، إذ إن من لم يعلم شيئاً فإن تركه له يصبح أمراً متوقعاً ، بل هو المناسب لواقع الحال ، ولا يكون فيه عليه أية غضاضة . . ونحن نرجح هذه الروايات على تلك التي تقول : إن المراد هو نسيان النهي عن الأكل من الشجرة ، وذلك لأمرين : أحدهما : وجود الواو الفاصلة بين الآيتين ، حيث يظهر أنها واو الاستئناف ، فقد قال تعالى : * ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ) * . . فلو أنه قال : « ولم نجد له عزماً إذ قلنا الخ . . » لظهر اتصال الكلام في الآيتين . . ولكن الفصل بالواو يشير إلى أنه قد بدأ بكلام جديد ، ليس بالضرورة أن يكون له اتصال بما سبقه . . الثاني : أن هذا النسيان لو كان قد حصل فعلاً ، فإن إبليس قد أزاله حين ذكَّر النبي آدم بنهي الله له ، فقال : * ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ . . ) * . . وعلى كل حال ، هذا التذكير بالنهي يجعلنا نرجح أن الظاهر هو أن المراد بالعهد ، هو العهد الذي أخذه الله على النبي آدم في نشأة عالم الذر ومن الواضح : أن هناك نشآت متعددة ، مثل عالم الذر ونشأة الأرواح . والنشأة الجنينية ، حيث تلتقي الأرواح بالأجساد ، ثم النشأة التي تبدأ بالولادة ، فيتدرج من الطفولة إلى الشيخوخة ، ليصل إلى عالم البرزخ ، ثم عالم البعث والآخرة . وكل نشأة تمثل عالماً جديداً بالنسبة لهذا الكائن ، وقد ينسى معها الإنسان