الثاني : أن يفسح المجال لاعتبار ما ذكرناه في تفسير الآيات الشريفة ، التي تحكي لنا قصة آدم « عليه السلام » ، أمراً محتملاً وقريباً جداّ في معنى الآيات . . وأن الجزم واليقين بخلافه ، متعسر ، بل متعذر ، إلى الحد الذي يجعل الاستدلال بالآيات المذكورة على صدور الذنب . . بل حتى على صدور خلاف الأولى من النبي آدم « عليه السلام » ، حتى قبل تشريع الشرائع أمراً غير مقبول ، وبعيداً عن الإنصاف العلمي - ليس فقط لفقده المبررات المعقولة والمقبولة ، بل لوجود موانع كثيرة في نفس هذه الآيات ، التي رأينا بوضوح كيف أنها - فضلاً عن الروايات - تبطل تصريحاً ، وتلويحاً في كثير من فصولها وتعابيرها أي استنتاج من هذا القبيل ، وتبعده عن دائرة الصحة ، أو احتمالها . . ولكن قبولنا الافتراضي هذا ، ليس معناه القبول باحتمال صدور المعصية من النبي آدم « عليه السلام » . بل هو يعني - فقط - لزوم الاعتراف بالعجز عن فهم المعنى العميق ، والمغزى الدقيق للآيات المباركات ، وأن على الإنسان العاقل في مثل هذه الحالة أن يرجع علمها إلى أهلها ؛ فإنما يعرف القرآن من خوطب به . أما احتمال صدور المعصية فعلاً ، بل صدور خلاف الأولى منه « عليه السلام » مع التفاته إلى أولوية المتروك ، فقد قلنا : إنه أمر مرفوض جملة وتفصيلاً ، وذلك لوجود المانع العقلي ، واليقيني الجازم بعدمه . ولضرورة الاعتقاد الجازم والأكيد بنزاهة الأنبياء والأئمة الطاهرين ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) عن كل معصية ، ونقص ، وإخلال . وليكن هذا البحث المقتضب هو إحدى الخطوات في الاتجاه الصحيح في فهم آيات القرآن الكريم ، وإدراك مراميها ، وتلمّس دقائقها ومعانيها .