وهذا يشبه في بعض وجوهه تمني زوال الصفة أو النعمة عن المحسود ، وانتقالها إلى الحاسد على وجه الاختصاص به . . وهذا ما أشارت إليه الروايات المتقدمة ، من أنه « عليه السلام » قد تمنى مقام أهل البيت لنفسه ، فإنه وإن لم يكن قاصداً لسلب نعمة ذلك المقام عنهم ، ولا طالباً له ، ولكن يلزمه سلب اختصاص ذلك المقام بهم . فهو قد قصد ما يلزم منه - لو حصل عليه - زوال إحدى الصفات عنهم صلوات الله عليهم ، وهي صفة الاختصاص والتفرد لهم . . وإن لم يكن ملتفتاً إلى ذلك ، وذلك رغبة منه في الحصول على كل ما يقدر على الوصول إليه من مقامات القرب والرضا . وهذا نظير ما لو كان هناك موقع جميل على رأس جبل ، يحاول إنسان أن يصل إليه ويكون فيه ، مع عدم التفاته إلى أن حلوله فيه يستلزم إزالة غيره عنه . فهو لم يتمن زوال النعمة عن شخص ، ليكون ذلك حسداً محرماً ، بل تمنى الوصول إلى المقام الأوحدي العظيم ، من دون التفات إلى أن أحداً قد بلغ إلى هذا المقام ، واحتل تلك المنزلة . . وهذا ما يفسر لنا التعبير بالحرص الوارد في الرواية المتقدمة المروية عن الإمام زين العابدين « عليه السلام » ، وقد صرحت بأن الحرص من آدم « عليه السلام » كان هو السبب فيما جرى لآدم وزوجته صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا وآله . . وخلاصة القول : إن النبي آدم « عليه السلام » قد رأى موجودات عالية بلغت مقامات عظيمة من القرب ، والكرامة الإلهية ، فتمنى أن يكون معهم ، وبدأ يسعى في هذا السبيل ، ولكنه لم يكن يملك ما يمكنه من تحقيق أهدافه . .