الطبيعي أن تتورم قدماه ، وأن تصبح له ثفنات من أثر السجود ، وغير ذلك . . كما أن من يسافر إلى الحج مشياً على الأقدام ، فمن الطبيعي أن يأخذ منه التعب أي مأخذ ، وأن تتشقق قدماه . . ولا يعني ذلك أنه مخطئ فيما فعل ، بل هو مطيع لله تعالى ، عابد له ، يستحق المثوبة . وحين ابتلي النبي آدم بآثار طاعته ، كان الله هو الذي تولى إزالة تلك الآثار ، وجمعه إليه على سبيل الاجتباء ، ورفع درجته ، وشرَّفه ، وكرَّمه ، وأعلى مقامه . . ثالثاً : إن قوله تعالى : * ( وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ) * . . إنما هو إعلام لهما بحقيقة ما جرى لهما ، وأن سببه هو الأكل من تلك الشجرة ، إذ ليس ثمة ما يدل النبي آدم على أن الأكل من الشجرة كان هو السبب فيما عرض لهما من حالات الجوع ، والعري ، والحر ، والبرد ، وغير ذلك مما يعرض لأهل الدنيا . . ولعل الحيرة أخذتهما بعد أن كان لديهما وعد إلهي يقول : * ( إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) * . . كما أنه قد قال للنبي آدم : * ( اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) * . . فلماذا يخرجهما منها ؟ . . ولماذا يحصل لهما جوع ، وعري ؟ ! و . . و . . ؟ ! فأراد الله تعالى أن يعرِّفهما : أن الأكل من الشجرة هو الذي جعلهما غير قادرين على البقاء في الجنة تكويناً ، وأن ما يجري عليهما من جوع ، وعري ، وحر ، وبرد . . إنما هو نتيجة أكلهما منها . فكلام الله تعالى لهما : ليس عتاباً ، بل هو تطمين إلى أن الله لا يزال معهما يرعاهما ، ويلطف بهما ، وأن ما جرى لهما لم يوجب بعدهما عنه ، بل هو قد أوجب قربهما منه ، ولذلك اجتباهما ، وجمعهما إليه على سبيل الاصطفاء . .