أهدافه ، حيث يتفرغ فيها لعبادة ربه ، ونيل منازل القرب والزلفى منه ، وليس فيها ما يصرفه عن ذلك ، ولا يحتاج إلى التفكير حتى في أبسط الأشياء ، ولو في الحصول على شربة ماء ، فضلاً عن أن يسعى لتحصيلها ، أو حفظها ، فجهده إذن متحمض في عبادة ربه ، وفي الاجتهاد في الوصول إليه . . وذلك لأن : إهتمامات النبي آدم « عليه السلام » وطموحاته ، ليست هي الحصول على الملذات والشهوات ، كالطعام والشراب ، وما إلى ذلك . فيقول له إبليس : إنه إذا كان هذا هو هدفه ، فلماذا لا يأكل من هذه الشجرة ؟ فيخبره آدم « عليه السلام » بأن ربه سبحانه قد نهاه عن الاقتراب من تلك الشجرة ، فضلاً عن الأكل منها . . المبرر المعقول والمقبول : وكان لا بد لإبليس أن يقدم حلاً مقبولاً ، ومبرراً معقولاً لهذه المعضلة التي تواجهه . . وأن يفسح المجال أمام آدم « عليه السلام » ، ويقنعه بالإقدام على مخالفة النهي . . ولعل هذا المبرر هو أحد أمرين : أولهما : إرادة جنس الشجرة . وسيأتي . ثانيهما : ادعاء أن نهي الله سبحانه له ، إنما كان عن شخص الشجرة ، لا عن جنسها . فلعل تلك الشجرة المشار إليها كانت مبغوضة لسبب يختص بها ، ولا يتعداها إلى مثيلاتها . . ومن هنا يلاحظ : أن إبليس قد اختار هذا الحل بالذات ، وآثر أن يذكر الشجرة أيضاً بواسطة اسم الإشارة المعين لشخصها ، فقال : * ( عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ) * . . إشعاراً منه بأن شخصها هو المنهي عنه ، أما جنسها ، فلا دليل على أنه مشمول للنهي أيضاً . .