ومجانبة الحق ، أو تدور في فلك التحكمات الباردة ، وإطلاق الدعاوى الفارغة من دون أي دليل . غير أنه قد بقي هنا أمران ، نشير إليهما في ما يلي بإيجاز ، وهما : 1 - القول : بأن لا أوامر مولوية قبل التشريع . . 2 - إن ما حصل لآدم « عليه السلام » كان من قبيل ترك الأولى . لا أوامر مولوية قبل التشريع : لقد حاول بعض الأعلام أن يقول ما ملخصه : قال تعالى : * ( قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) * [1] . فهذه الآية أشارت إلى أن التشريعات التفصيلية قد أنزلت لآدم « عليه السلام » وذريته بعد الأمر الثاني بالهبوط ، الذي هو أمر تكويني متأخر عن الكون في الجنة ، والأكل من الشجرة ، فحين الأكل منها لم يكن دين مشروع ، ولا تكليف مولوي ، فلا يتحقق ذنب عبودي ، ولا معصية مولوية ، بل هو ظلم نفس . أما معصية النهي والأمر فهي بمعنى عدم الانفعال عن الأمر والنهي ، سواء أكان مولوياً أو إرشادياً . وليس هو معصية مولوية . وهو غواية لعدم تمكنه من حفظ المقصد ، وتدبير نفسه في معيشته بما يلائم المقصد [2] .
[1] الآيتان 38 و 39 من سورة البقرة . [2] راجع : تفسير الميزان ج 1 ص 137 و 138 بتصرف وتلخيص .