أن التوبة هي الرجوع من العبد ، فإذا تاب عليه مولاه ، فإن الذنب يصبح كلا ذنب ، فيتعامل معه ، وكأن شيئاً لم يكن . مع أن آدم « عليه السلام » لم يرجع إلى الجنة ، فما معنى القول بأن الله قد تاب عليه ، وعادت الأمور إلى حالتها الأولى ، وكأن شيئاً لم يكن ؟ ! . . فذلك يدل على أن التوبة ليست عن معصية ، وعلى أن الخروج من الجنة لم يكن عقوبة له ، بل كان أمراً تكوينياً ، كاستتباع السم للقتل ، والنار للإحراق [1] . ونقول : إن ذلك لا يكفي دليلاً ، إذ قد يكون هناك توبة عن ذنب ما ، ثم لا ترجع الأمور إلى حالها الأول ، وذلك بسبب أن للمعصية نفسها آثاراً تكوينية ، كشرب الخمر الذي يحدث قروحاً في المعدة ، أو أمراضاً أخرى ، فإن التوبة منه ، وقبول هذه التوبة من الله إنما يعني مجرد رفع العقوبة ، ولا يعني لزوم أن يشفيه الله سبحانه من تلك القروح أو الاختلالات ، أو الأمراض التي نشأت عن شرب الخمر . ولأجل ذلك نقول : إن ما ذكرناه هو الأقرب إلى القبول . . المغفرة : ولا بأس بأن يطلق على هذا الستر المطلوب من قبل النبي آدم وزوجه بإلحاح ، وبحرص : أنه مغفرة ، فالمغفرة ، في عمق معناها ، هي الستر . . ثم لا بأس بأن يتوجه النبي آدم « عليه السلام » بطلب تلك المغفرة ، وذلك