الرضا ، واللطف الإلهي ، كما أشرنا إليه أكثر من مرة . . هبوط إبليس : وقد أهبط الله إبليس لعنه الله حتى من تلك الجنة التي في هذه الدنيا ، عقوبة ، وخزياً ، وطرداً له من رحمة الله ، وكان قد سبق ذلك هبوط آخر لإبليس من المقام الذي كان فيه مع الملائكة ، سواء أكان ذلك الهبوط الأول ، من جنة الخلد أو من مواقع القرب والزلفى في السماء حيث كان في مواقع الشرف مع الملائكة . . وهو ما عبر عنه بالخروج ، المفيد للطرد المهين له في قول الله تعالى له : * ( فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) * . . [1] . وحتى لو كان النبي آدم في جنة الخلد ، فإن هبوط إبليس معناه : أنه وإن كان قد طرد من الجنة - أولاً حين لم يسجد لآدم « عليه السلام » - لكنه - ربما - كان قادراً على الدنو منها ، بحيث يسمع صوت من بداخلها . . فيكون هبوطه هذا بسبب هذا الجرم الحادث الذي ارتكبه في حق آدم وزوجه « عليهما السلام » هو بمعنى حرمانه حتى من الدنو والاقتراب منها . ومن الواضح : أن بشرية النبي آدم « عليه السلام » ، قد فرضت بروز تلك الحالات الكامنة فيه ، كالجوع والعطش والانفعال بالحر والبرد ، والتعرض للآلام والأمراض ، وما إلى ذلك . لمجرد أنه ذاق الشجرة . . أما إبليس لعنه الله ، فإنه بحسب طبيعة تكوينه ، لا تعرض له نفس هذه الحالات . فكان هبوطه يمثل إبعاداً له عن ساحة الرحمة الإلهية ، وحرماناً له من