ولبيان ذلك نقول : إن هذه الآية قد ألمحت إلى الأمور التالية : 1 - دلالات قوله تعالى * ( فَتَلَقَّى ) * : إن الله سبحانه لم يترك آدم « عليه السلام » يواجه المصاعب وحده ، بل أمده مباشرة وبدون إمهال بأسباب الخلاص مما هو فيه . وكان آدم « عليه السلام » ينتظر هذه الأسباب ، ويهيئ نفسه لها - كما تشير إليه كلمة * ( فَتَلَقَّى ) * - التي جاءت بفاء التفريع ، التي تفيد التعقيب من دون مهلة . كما أنه لم يقل : فألقى إليه كلمات ، بل قال : * ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ) * . . لأن التعبير بالتلقي يؤكد على هذا الانتظار من قبل النبي آدم « عليه السلام » لتلك الكلمات ، مع استعداد وتهيؤ لاستقبالها ، بما يليق بها ويناسبها ، من وعي ، وسمو روحي ، وعرفان ، لأنها كلمات شريفة وعالية ، لا بد أن تتوفر فيه القابلية لنيلها ، والوصول إليها ، وإدراك ما يمكنه إدراكه ، من حقائقها وحالاتها . . ويكون نفس وصولها إليه ، وحلولها في قلبه ووعيه ، وروحه ، سبباً في رفع مشكلاته ، وقضاء حوائجه ، لأنه يصبح مستحقاً لذلك بنفس هذا النيل لتلك الكلمات . . فالتلقي إذن ، ملازم لفهم تلك الأسماء الدالة على حقائق تلك الموجودات الشريفة ، والأسماء التي تشير إلى أصل وجودها ، وتساعد على رسم صورة لها في وعيه . . ولأجل ذلك نقول : إنه إذا قال القائل : تلقيت فلاناً ، فمعنى ذلك : أنه قد استعد وتهيأ ، ليلاقيه بما يناسب حاله ومقامه . .