فأراد النبي صلى الله عليه وآله أن يذكرهم بخطتهم في حصارهم القديم ، كيف أحبطها الله تعالى ! وأنه سيحبط حصارهم الجديد أيضاً ولو بعد حين ! ! وأما المبدأ السابع من هذا الأساس ( تحذيره قريشاً أن تطغى من بعده ) ، فقد ذكرته أحاديث مصادرنا ، وذكرته رواية الهيثمي المتقدمة في مجمع الزوائد عن فهد بن البحيري ، الذي استمع على ما يبدو إلى خطبة يوم عرفة ونقل عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : ( يا معشر قريش لا تجيئوا بالدنيا تحملونها على رقابكم وتجيء الناس بالأخرة ، فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً ) . انتهى . ونشكر الله تعالى أن فهداً البحيري هذا كان بدوياً ، ولم يكن قرشياً ولا كنانياً ، وإلا لجعل هذه الرواية سيفاً مسلطاً على رقبة بني هاشم ، وأبعدها عن قريش ، كما فعل الرواة القرشيون ! فجعلونا نقرأ في مصادر السنيين عشرات الأحاديث ( الصحيحة ) في تحذير النبي صلى الله عليه وآله بني هاشم وبني عبد المطلب وذمهم ، ومنها هذا الحديث بهذه الصيغة ولكنه بزعمهم موجه لبني عبد المطلب . . وليس لقريش ! ! وجعلونا نقرأ عشرات الأحاديث في مدح قريش ووجوب أن تكون القيادة فيهم ! ولا تكاد تجد فيها حديثاً في ذم قريش إلا وقد حرفوه إلى ذم بني هاشم ! أو أحبطوا معناه بحديث آخر ! أو حولوه إلى مدح لقريش ! ! وحديث ابن البحيري هذا في حجة الوداع تحذيرٌ نبويٌّ صريح لقريش ، وهو في محله ووقته تماماً . . لأن قريشاً ذات موقع مميز في العرب . . وهي المتصدية لقيادة عرب الجزيرة في حياة النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده . . فالخطر على أهل بيته إنما هو من قريش وحدها . . والتحريف الذي يخشى