وإذا أردت أن تقرأ ما لا تكاد تصدقه عيناك ، فاقرأ ما رووه في تفسير قوله تعالى ( ليس لك من الأمر شيء ) فهي آيةٌ تنفي عن النبي صلى الله عليه وآله كل أنواع الألوهية والشراكة لله تعالى ، ولكنها في نفس الوقت لا تسلب عنه شيئاً من مقامه النبوي وخلقه العظيم وحكمته ، وحرصه على هداية قومه . . لكن أنظر ماذا عمل المحدثون القرشيون في تفسيرها ، وكيف صوروا النبي صلى الله عليه وآله بأنه ضيق الصدر ، مبغضٌ لقريش ، يريد الاعتداء عليها وظلمها . . ! ! فينزل الوحي مدافعاً عن هذه القبائل المقدسة الثلاث وعشرين ، ورد عدوانية نبيه عنها ! ! ولا يتسع المجال للإفاضة في هذا الموضوع ، ولكن القارئ السني يجد نفسه متحيراً بين ولاء المفسرين لقريش ، كالمفسر مجاهد الذي يسمح بكون قتل بعض فراعنتها كالنضر عذاباً لها ، وبين ولاء المحدثين لها كالبخاري الذي يقول إن قتل النضر وأبي جهل ليس هو العذاب الإلهي ، فهؤلاء قومٌ برزوا إلى مضاجعهم ، فقد رفع الله عذابه عن قريش ، ووبخ رسوله ، لأنه دعا عليها ! ! وأخيراً . . يمكن للباحث أن يستدل لنصرة رأي المفسرين القائل بأن العذاب في السورة يشمل العذاب الدنيوي ، بما رواه ابن سعد في الطبقات ، من قصة اختلاف طلحة والزبير وابنيهما على إمامة الصلاة في معسكر عائشة في حرب الجمل ، قال : ( ولما قدموا البصرة أخذوا بيت المال ، وختماه جميعاً طلحة والزبير ، وحضرت الصلاة فتدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت ، ثم اصطلحا على أن يصلي عبد الله بن الزبير صلاةً ومحمد بن طلحة صلاةً ، فذهب ابن الزبير يتقدم فأخره محمد بن طلحة ، وذهب محمد بن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة ! ! فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة ، فتقدم فقرأ : سأل سائل بعذاب واقع ) ! ! . انتهى .