أو امتنع في أول البعثة ، أو في وسطها أو في آخرها ، حتى جاءه التهديد والتطمين ! ! وقد تبين مما تقدم أن الخوف الذي كان يعيشه النبي صلى الله عليه وآله عند نزول الآية ، ليس إلا خوفه من ارتداد الأمة ، وعدم قبولها إمامة عترته من بعده ، وأن يقول قائل منهم جارى ابن عمه ، ويشكوا في رسالته ! المسألة الرابعة : في معنى الناس في الآية قال الفخر الرازي في تفسيره : مجلد 6 جزء 12 / 50 : واعلم أن المراد من ( الناس ) ها هنا الكفار بدليل قوله تعالى : إن الله لا يهدي القوم الكافرين . . . لا يمكنهم مما يريدون . انتهى . ولا يمكن قبول ذلك ، لأن نص الآية ( يعصمك من الناس ) وهو لفظ أعم من المسلمين والكفار ، فلا وجه لحصره بالكفار . . وقد تصور الرازي أن المعصوم منهم هم الذين لا يهديهم الله تعالى ، وأن المعنى : إن الله سيعصمك من الكفار ولا يهديهم ! ولكنه تصور خاطيء ، لأن ربْط عدم هدايته تعالى للكفار بالآية يتحقق من وجوه عديدة . . فقد يكون المعنى : سيعصمك من كل الناس ، ولا يهدي من يقصدك بأذى لأنه كافر . أو يكون المعنى : بلغ وسيعصمك الله من الناس ، ومن أبى ما تبلغه فهو كافر ، ولا يهديه الله تعالى . وهذا المعنى الأخير هو المرجح . وقد ورد شبيهه في البخاري : 8 / 139 قال : عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ! قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ! قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى . انتهى .