الشتاء إلى اليمن ، وعقد معاهدات لحماية قوافلها مع القبائل التي تمر عليها ، ومع ملك اليمن ، وفاز بفخرها كما فاز أبوه بفخر رحلة الصيف . وعلى الصعيد المعنوي . . كانت قبائل قريش ترى أن بني هاشم وعبد المطلب يباهون دائماً بانتمائهم إلى إسماعيل واتباعهم لملة إبراهيم ، كأنهم وحدهم أبناء إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام ، بل كان بنو هاشم يطعنون في نسب غيرهم ! كما فعل أبو طالب وبعده النبي صلى الله عليه وآله ! وتفاقم الأمر على قريش . . عندما أخذ عبد المطلب يدعي الإلهام عن طريق الرؤيا الصادقة ، فأخبرهم بأن الله تعالى أمره بحفر زمزم التي جفت وانقرضت من قديم ، فحفرها ونبع ماؤها بإذن الله تعالى ، ووجد فيها غزالين من ذهب فزين بذهبهما باب الكعبة . . وبذلك فاز بمأثرةٍ جديدة فقد كان مطعم الحجيج ، وصار بسبب شحة الماء في مكة ساقي الحرم والحجيج ! ثم طمأن الناس عند غزو الحبشة للكعبة ، بأن الجيش لن يصل إليها ، وأن الله تعالى سيتولى دفعهم . . فصدقت نبوءته ، وأرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول . ثم وضع عبد المطلب للناس مراسم وسنناً ، كأنه نبي أو ممهد لنبي ، فجعل الطواف سبعاً ! وكان بعض العرب يطوفون بالبيت عريانين لأن ثيابهم ليست حلالاً ، فحرم عبد المطلب ذلك ! ونهى عن قتل الموؤودة . وأوجب الوفاء بالنذر ، وتعظيم الأشهر الحرم . وحرم الخمر . وحرم الزنا ووضع الحد عليه ، ونفى البغايا ذوات الرايات إلى خارج مكة . وحرم نكاح المحارم . وأوجب قطع يد السارق . وشدد على القتل ، وجعل ديته مئة من الإبل . . والملاحظ أن كل ذلك قد أقره الإسلام !