الدليل الثاني أن بيعة النبي صلى الله عليه وآله للأنصار تضمنت من أولها في مكة ثلاثة شروط : الأول : أن يحموا النبي صلى الله عليه وآله مما يحمون منه أنفسهم . الثاني : أن يحموا أهل بيته وذريته مما يحمون منه أولادهم وذراريهم . الثالث : أن لا ينازعوا الأمر أهله ! ! وهذا الشرط الأخير دليلٌ واضحٌ على أن مبدأ الاختيار الإلهي للأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله كان مفروغاً عنه من أول الرسالة ، وأن لهذا الأمر أهلاً بعد النبي ، على الأمة أن تطيعهم ! وليس لها أن تختار هي ، ولا أن تنازع أهل الأمر أو أولي الأمر الذين يختارهم الله تعالى لقيادتها بعد نبيه ! وقد وفَى الأنصار بالشرط الأول خير وفاء ، ولكن أكثرهم حنث بالشرطين الأخيرين حنثاً سيئاً مع الأسف ! وقد روت الصحاح هذه الشروط النبوية الثلاثة : ففي صحيح البخاري : 8 / 122 : ( عن عبادة بن الصامت قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم ) . ورواه مسلم : 6 / 16 ، والنسائي : 7 / 137 ، بعدة روايات ، وعقد باباً بعنوان ( باب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله ) . ورواه ابن ماجة : 2 / 957 . وأحمد 5 / 316 ، وفي ص 415 وقال : ( قال سفيان : زاد بعض الناس : ما لم تروا كفرا بواحاً ) . ورواه البيهقي في سننه 8 / 145 .