أنت مني بمنزلة هارون من موسى . . . تقتل عمّاراً الفئة الباغية . . . فله في كلّ واحد من هذه كتاب مفرد . وقال ابن طاهر : ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطّه في جزء ضخم ! [1] . أقول : وعدّ الحاكم حديث الطير من الحديث المشهور ، في النوع الثالث والعشرين من كتابه معرفة علوم الحديث [2] ، قال : هذا النوع من هذا العلم معرفة المشهور من الأحاديث المرويّة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والمشهور من الحديث غير الصحيح ، فرُبّ حديث مشهور لم يخرّج في الصحيح ، من ذلك قوله ( صلى الله عليه وآله ) : طلب العلم فريضة . . . الخوارج كلاب النار . . . فكلّ هذه الأحاديث مشهورة بأسانيدها وطرقها وأبواب يجمعها أصحاب الحديث ، وكلّ حديث منها تجمع طرقه في جزء أو جزءين . . . ومن الطوالات المشهورة التي لم تخرّج في الصحيح حديث الطير . . . وحكى ابن الجوزي عن ابن ناصر ، عن ابن طاهر ، قال : قال أبو عبد الله الحاكم : حديث الطائر لم يخرّج في الصحيح ، وهو صحيح [3] . أقول : ولمّا كان حديث الطير روي من طرق كثيرة ربّما جاوزت حدّ التواتر ، حيث رواه عن أنس وحده مائةُ من التابعين أو أكثر ، فكان من الأبواب التي يفردها الحفّاظ والمحدِّثون بالتأليف ويجمعون طرقها وألفاظها
[1] سير أعلام النبلاء 17 / 176 ، طبقات السبكي 4 / 165 ، تاريخ الإسلام ص 132 ، وابن طاهر هو المقدسي ، المتوفّى 507 ه وممّن ذكر له كتابه هذا ابن تيميّة في منهاج السنّة 4 / 99 ، والسبكي في طبقات الشافعية في ترجمته . [2] ص 114 - 117 . [3] المنتظم 7 / 275 ، والعلل المتناهية 1 / 236 .