ابن حجر واصحابه فانهم يدّعون ان اساس غاية وعمل الإمامة هو السياسة واجراء الحدود وحفظ الثغور ، فمن كان فيه ذلك امكنه ان يكون اماماً ولو كان فاسقاً ! كما صرح بذلك الغزالي الشافعي في مبحث الإمامة من ( الاحياء ) في ضمن الاصول التسعة التي ذكرها ، وعليه فانّه يكون طريق ولاية الإمام من سنخ ولاية متولي الاوقاف والقيم على الايتام ، ومن جهة ادنى . فيمكن لكل جماعة لها وجود سياسي ان تجعل ملكاً اماماً ولو كان مثل ( شير شخص القزويني ) لم يتحلّى بأي صفة من صفات الانسانية فضلا عن الوصول إلى كمالات اهل الصفوة والخلة ; ولو كان مثل معاوية الغدار ويزيد الخمار القمار والوليد الجبار ومروان الحمار ; فانهم وحسب اصول هذه الجماعة كانوا من أهل الإمامة الحقة ونواب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، واولوا الامر الواجبي الاتباع . وعلى هذا يأتي اشكال ابن حجر على الإمامية ، فكيف جمع ذلك - والعقل غير قادر على القيام بأمور السياسة وحفظ الثغور - فكان اماماً للمسلمين ؟ واما الإمامية فيقولون : ان تعيين الإمام من الله عزوجل فمن ارادة صنعه ( 1 ) وآتاه الحكمة ( 2 ) وجعله اهلا للرئاسة والإمامة ، وعند الله تعالى يتساوى الصغير والكبير والأسود والأبيض ، فيمكن ان يهبها لكل احد وعلى اية حال كان وصفة . وجميع الأشاعرة يقولون - وابن حجر منهم : انّه من الممكن ان يرى الانسان أو يسمع ويفهم ويحفظ بيده أو رجله كما يكون ذلك بأذنه وعينه وحواسّه الباطنية ! فلا كلام اذن في امكان أن يؤتي الله تعالى الحكمة إلى طفل ، وان ذلك ينطبق على قواعدهم ، ولا يكون محلا للاعتراض . وامّا وقوعه فيكفيه قصة عيسى عليه السلام حينما اعترض اليهود على مريم
1 - كما في قوله تعالى : " ولتصنع على عيني " - من الآية 39 ، سورة طه . 2 - كما في قوله تعالى : " وآتيناه الحكم صبياً " من الآية 12 ، سورة مريم .