تعالى رؤيتهُ ، ويزيد في العلم منطقه ، ويُرَغِّبْ في الاخرةِ عمله ; ما قام أحدٌ من مجلسه إلا بخير مُستفاد جديد ، وشوق إلى الثواب ، وخوف من الوعيد ; لا يختار من الاعمال المندوبة الاّ احمزها واتعبها ، ولا يأخذ من السنن الاّ أحسنها . افعاله كانت منطبقة على كلامه ، وكلامه مقصور على ما خرج عن أمامه . لازمت خدمته برهة من الدهر في السفر والحضر والليل والنهار ، وكنت استفيد من جنابه في البين إلى أن نعب بيننا غراب البين ، فطوى الدهر ما نشر ، والدهر ليس بمأمون على بشر " ( 1 ) . وقال تلميذه الآخر العلامة الطهراني مبيناً شيئاً من ملامح العظمة في شخصيته : " كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذة ، وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة ، وملكات شريفة أهلته لان يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب ، وحياته صفحة مشرقة من الاعمال الصالحة ، وهو في مجموع آثاره ومآثره إنسان فرض لشخصه الخلود على مرّ العصور ، والزم المؤلفين والمؤرخين بالعناية به ، والإشادة بغزارة فضله . . . " ( 2 ) . * * *
1 - الفوائد الرضوية ( الشيخ عباس القمي ) : ص 152 . 2 - نقباء البشر : ج 2 ، ص 545 .