على إمام المتقين في الكتاب والسنة اللهم لك الحمد والثناء ، ولك المجد والبهاء ، والصلاة على سيد رسلك ، وعلى الأصفياء من عترة نبيك ، محمد وآله الطاهرين : الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا " . أما بعد ، لقد كانت دعوة الرسول الأعظم ، دعوة عالمية ، ورسالته رسالة خاتمة خالدة ، وقد اختص بهذه الخصيصة من بين الرسل ، ولئن كانت دعوة بعضهم عامة عالمية ، ولكن لم تكن دعوة أحد منهم دعوة خالدة خاتمة ، تعم الأجيال والأعصار إلى يوم القيامة وإنما اختص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بهذه الخصيصة ، فهو خاتم الأنبياء ، وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع . كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وآله في بدء البعثة ، تدور بين أهله وعشيرته غالبا " وكان لا ينذر ولا يبشر بشكل عام إلا أقرباه متمثلا " لامره سبحانه " وأنذر عشيرتك الأقربين " [1] . ولما نزل قوله " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " [2] قام بالدعوة العالمية ، ونادى الناس باتباع شريعته ، وبدأت الدعوة تخطو خطوات ، تجذب قلوب الشبان وتستهوي أفئدتهم ، غير أن المناوئين لرسالات الله عامة ، ورسالة الرسول الأعظم خاصة ، أجمعوا على أن يخنقوا نداءه بأساليب مختلفة ، من اتهام صاحب الرسالة بالسحر والجنون ، إلى تعذيب المعتنقين والمؤمنين بها ، إلى ضرب الحصار الاقتصادي عليهم ، إلى الحيلولة دون وصول الوافدين إلى مكة لسماع دعوته ، إلى أن أجمعوا أمرهم