( عليه السلام ) قد عمل معشار ما عمله أبو طالب ، لرأيت من الثناء العاطر عليه ، والتبجيل والتقدير ، والأحاديث في فضله ، وما له من الكرامات والشفاعات ، إن دنيا ، وإن آخرة ، ما يفوق حد الحصر ، ويزيد ويتضاعف باستمرار في كل مصر ، وعصر . والغريب في الأمر : أن أبا سفيان ، أبا معاوية الذي يقول لعثمان حينما صارت إليه الخلافة : قد صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة ، واجعل أوتادها بني أمية ، فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار ، إن أبا سفيان هذا مؤمن تقي عادل ، معصوم ، بحسب زعمهم . وأبو طالب - أو فقل : أبو علي - كافر مشرك ، وفي ضحضاح من نار ، يبلغ كعبه ، ويغلي منه دماغه ! ! وما عشت أراك الدهر عجباً ! ! . عام الحزن : وفي السنة العاشرة من البعثة كانت وفاة الرجل العظيم ، أبي طالب عليه الصلاة والسلام . ففقد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بفقده نصيراً قوياً ، وعزيزاً وفياً ، كان هو الحامي له ، والدافع عنه ، وعن دينه ، ورسالته ، كما أشرنا إليه . ثم توفيت بعده بمدة وجيزة - قيل : بثلاثة أيام ، وقيل بعده بحوالي شهر خديجة أم المؤمنين صلوات الله وسلامه عليها ، أفضل أزواج النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، وأحسنهن سيرة ، وأخلاقاً مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد كانت بعض نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( وهي عائشة ) تغار منها غيرةً شديدة ، كما سنرى ، رغم أنها لم تجتمع معها في بيت الزوجية ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد تزوجها بعد وفاة خديجة بزمان . ونستطيع أن نعرف : كم كان لأبي طالب ( عليه السلام ) ، ولخديجة صلوات الله وسلامه عليهما من خدمات جلى في سبيل هذا الدين من تسمية