والأرض حكموا عليه بأن أبا هريرة إنما تلقاه عن كعب . ويقول بشير بن سعد - كما روي عنه - : اتقوا الله وتحفظوا من الحديث ، فوالله ، لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة ، فيحدث عن رسول الله ، ويحدثنا عن كعب ، ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فترى : أن أبا هريرة يجعل حديثه عن كعب ، إلى جانب حديثه عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ولا يجد غضاضة في أن يحدث في مجالسه عنهما معا ! ! وهذا ، ربما يكون السبب في صدور الإجازة له بالتحديث بعد أن كان ممنوعاً من ذلك . لقب الفاروق : ثم إننا نجد أهل الكتاب يتزلفون لعمر بن الخطاب ، وذلك حينما منحوه لقب الفاروق الذي كان يعجبه ويروق له . يقول النص التاريخي : إن أهل الكتاب أول من قال لعمر : الفاروق . وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم . ولم يبلغنا : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذكر من ذلك شيئاً . وربما يظهر من رواية الطبري : أن الذي سماه بذلك هو كعب الأحبار نفسه . وواضح : أن منح هذا اللقب للخليفة قد يكون رشوة ، وقد يكون مكافأة له على إفساحه المجال لأهل الكتاب لنشر ترهاتهم وأباطيلهم في المسلمين بعد أن حُرم المسلمون من حديث نبيهم رواية وكتابة ، ومن قرآنهم أيضاً ، حسبما ألمحنا إليه .