المؤامرة : اجتمع أشراف قريش في دار الندوة ، ولم يتخلف منهم أحد : من بني عبد شمس ، ونوفل ، وعبد الدار ، وجمح ، وسهم ، وأسد ، ومخزوم وغيرهم ، وشرطوا : أن لا يدخل معهم تهامي ، لأن هواهم كان مع محمد ( صلى الله عليه وآله ) . كما أنهم حرصوا : على أن لا يكون عليهم من الهاشميين ، أو من يتصل بهم عين أو رقيب . وتشاوروا فيما بينهم ما يصنعون بمحمد . فذكروا الحبس في الحديد ، فرأوا أن من الممكن أن يتصل بأنصاره ، ويطلقوا سراحه . وذكروا النفي إلى بعض البلاد فرأوا أن ذلك يمكن الرسول من نشر دينه ، فاستقر رأيهم أخيراً على اقتراح أبي جهل ، أو إبليس بأن يأخذوا من كل قبيلة شاباً جلداً قوياً ، حسيباً في قومه ، نسيباً ، وسطاً ، ويعطى كل منهم سيفاً صارماً ، ويدخلوا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأسيافهم ؛ فيضربونه ضربة رجل واحد ، فيقتلونه ويتفرق دمه في القبائل ، لأن بني عبد مناف لا يقدرون على حرب قومهم جميعاً ، فيضطرون إلى القبول بالدية ، فيعطونهم إياها ، وينتهي الأمر . وقد أخبر الله تعالى نبيه بهذه المؤامرة عن طريق الوحي ، ونزل قوله تعالى : * ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) * . والمكر الإلهي هنا : هو التدبير السري لإفشال عمل يعزم عليه الغير .