جبرئيل - : * ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) * . فإن لفظ العبد إنما يطلق على الروح والجسد معاً ، ولو كان مناماً ، لكان قال : بروح عبده ، وإلى روح عبده . كما أن قوله تعالى : * ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) * ظاهر في البصر الحقيقي أيضاً . وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ : بعد السنوات الثلاث الأولى بدأت مرحلة جديدة وخطيرة وصعبة ، هي مرحلة الدعوة العلنية - ونحن نقول : الإلزامية - إلى الله تعالى . وقد بدأت أولاً على نطاق ضيق نسبياً ، حيث نزل عليه ( صلى الله عليه وآله ) قوله تعالى : * ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ) * فيقول المؤرخون ، ما ملخصه : إنه لما نزلت هذه الآية دعا علياً ( عليه السلام ) ؛ فأمره أن يصنع طعاماً ، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم ، ويبلغهم ما أُمِر به . فصنع علي ( عليه السلام ) صاعاً من طعام ، وجعل عليه رجل شاة ، وملأ عساً من لبن ، ثم دعاهم ، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً ، أو ينقصونه ، فيهم أعمامه : أبو طالب ، وحمزة والعباس ، وأبو لهب ، فأكلوا . قال علي ( عليه السلام ) : ‹ فأكل القوم ، حتى ما لهم بشيء من حاجة ، وما أرى إلا موضع أيديهم ، وأيم الله والذي نفس علي بيده ، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم . ثم قال : إسق القوم ؛ فجئتهم بذلك العس ؛ فشربوا منه حتى رووا منه جميعاً ، وأيم الله ، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يكلمهم ، بدره أبو لهب فقال : لِقدْماً سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ، ولم يكلمهم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) › .