يؤذيه ، ولا يستطيع أن يثأر منه . وإذا كان تقديس مكة قد بلغ عندهم هذا الحد ؛ فإن من الطبيعي أن يكون لسادة مكة نصيب وافر من هذا التقديس . وأن يتميزوا على سائر الناس باحترام خاص . أضف إلى ذلك سدانتهم للبيت الذي تفد إليه العرب من جميع الأقطار والأنحاء . وإذا كانت قريش وخصوصاً الهاشميون ترى : أن شرفها ، وسؤددها ، ومجدها ، وحتى اقتصادها ، مرتبط بالبيت ومتصل به اتصالاً وثيقاً ؛ فمن الطبيعي أن تدرك أن انتهاك حرمته ليس من مصلحتها . لأن ذلك يقلل من تقديس البيت ، ومن احترام سدنته ويفقدهم - من ثم - أعز وأغلى ما لديهم . ومن هنا ، فإنه وإن كان في قريش جماعات شريرة ، لا ترجع إلى دين ، وهم أصحاب حلف الأحلاف ‹ لعقة الدم › . لكن قد كان في مقابلهم رجال أشراف كرام لا يرضون بما يصدر من أولئك ، ويحاولون إرجاع الحق إلى نصابه ما أمكنهم ذلك . ومن هنا كانت المبادرة إلى عقد حلف المطيبين ، وبعده حلف الفضول ، الذي ينص على أن ترد كل مظلمة إلى صاحبها ، لا فرق بين قرشي وغيره ، وعلى التأسي بالمعاش . العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره : وهنا لابد أن نشير إلى بعض العوامل والظروف التي ساعدت على انتصار الإسلام وانتشاره ، في هذه المنطقة . وبعض تلك العوامل يرجع إلى شخصية الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وبعضها يرجع إلى الرسالة نفسها ، وبعضها يعود إلى أمور أخرى ، خارجة عن هذا وذاك .