أقول : وما ذكره ابن حبيب منسوباً إلى القيل ، فقد ذكره المقريزي في النزاع والتخاصم [1] كحقيقة ثابتة وبما هو أقبح من ذلك ، حيث قال : وصنع أمية في الجاهلية شيئاً لم يصنعه أحد من العرب ، زوّج ابنه أبا عمرو بن أمية امرأته في حياة منه ، والمقتيون في الاسلام هم الّذين أولدوا نساء آبائهم واستنكحوهن من بعد موتهم ، وأما أن تزوجها في حياته ويبنى عليها وهو يراه ، فإنّ هذا لم يكن قط [2] ، وأمية جاوز هذا المعنى ولم يرض بهذا المقدار حتى نزل عن ماله وزوّجها منه ثم قال : وأبو معيط بن أبي عمرو بن أمية قد زاد في المقت درجتين ، يشير إلى ما مرّ عن ابن حبيب . قال المقريزي في النزاع والتخاصم [3] : ولم يكن أمية في نفسه هناك ، وإنما يرفعه أبوه وبنوه ، وكان مضعوفاً ، وكان صاحب عهار ، يدل على ذلك قول نفيل بن عبد العزى جد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين تنافر حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم ، فنفر عبد المطلب ، وتعجب من اقدامه عليه وقال : أبوك معاهر وأبوه عفّ * وذاد الفيل عن بلد الحرام وذلك أنّ أمية كان تعرض لامرأة من بني زهرة ، فضربه رجل منهم ضربة بالسيف ، وأراد بنو أمية ومن تابعهم إخراج بني زهرة من مكة ، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي وكانوا أخواله ، وكان منيع الجانب ، شديد العارضة ، حميّ الأنف ، أبيّ النفس ، فقام دونهم وقال : ( أصبح ليل ) فذهبت مثلاً ، ونادى : ( ألا إنّ الظاعن
[1] - النزاع والتخاصم : 22 . [2] - ذكر ذلك الجاحظ في رسالته الثانية من رسائله ، وهي من كتاب فضل هاشم على عبد شمس راجع ص 75 ، جمع وتحقيق حسن الهندوبي ، ط : مصر سنة 1352 ه . [3] - النزاع والتخاصم : 21 .