عند الجمال شيء يرجون الانتفاع به ، فما ظنّك بهم إذا حصلت خلافة يرجون نفعها ورياستها ؟ وقال الله تعالى في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله : * ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) * [1] . ولو كانوا معذورين في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله : « فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ » وقد عرفت في صحيحي مسلم والبخاري معارضتهم للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في غنيمة هوازن لما أُعطي المؤلّفة قلوبهم أكثر منهم [2] . ومعارضتهم له لما عفا عن أهل مكة ، وتركه تغيير الكعبة وأعادتها إلى ما كانت في زمن إبراهيم عليه السّلام خوفاً من معارضتهم له [3] ، ومعارضتهم له لما خطب في تنزيه صفوان بن المعطل لما قذف عائشة ، وانّه ما قدر أن يتم الخطبة [4] ، أتعرف هذا جميعه في صحيحي مسلم والبخاري ؟ فقال : هذا صحيح . فقلت : وقال الله جل جلاله في ايثارهم عليه القليل من الدنيا : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) * [5] وقد عرفت انّهم امتنعوا من مناجاته ومحادثته لأجل التصدق برغيف وما دونه ، حتى تصدّق علي بن أبي طالب عليه السّلام بعشرة دراهم عن عشر دفعات ناجاه
[1] - آل عمران : 159 . [2] - راجع سيرة ابن هشام 2 : 499 . [3] - المصدر نفسه 2 : 300 301 . [4] - المصدر نفسه . [5] - المجادلة : 12 .