فقال : نعم هذا صحيح . فقلت له : تعرف انّ البخاري ومسلماً رويا في صحيحيهما انّ الأنصار اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، وانّهم ما نفذوا إلى أبي بكر ولا عمر ، ولا إلى أحد من المهاجرين ، حتى جاء أبو بكر وعمر وأبو عبيدة لما بلغهم في اجتماعهم ، فقال لهم أبو بكر : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني عمر وأبا عبيدة فقال عمر : ما أتقدم عليك ، فبايعه عمر وبايعه من بايعه من الأنصار ، وانّ علياً عليه السّلام وبني هاشم امتنعوا من المبايعة ستة أشهر [1] . وأنّ البخاري ومسلماً قال فيما جمعه الحميدي من صحيحيهما : وكان لعليّ عليه السّلام وجه بين الناس في حياة فاطمة عليها السّلام فلما ماتت فاطمة عليها السّلام بعد ستة أشهر من وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم انصرفت وجوه الناس عن علي عليه السّلام ، فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه خرج إلى مصالحة أبي بكر [2] ! فقال : هذا صحيح . فقلت له : ما تقول في بيعة تخلف عنها أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذين قال عنهم انّهم الخلف من بعده وكتاب الله جل جلاله ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم فيهم : اُذكركم الله في أهل بيتي ، وقال عنهم انّهم الذين نزلت فيهم آية الطهارة ، وانّهم ما تأخروا مدة يسيرة حتى يقال انّهم تأخروا لبعض الاشتغال ، وإنّما كان التأخر للطعن في خلافة أبي بكر بغير إشكال في مدة ستة أشهر ، ولو كان الإنسان تأخر عن غضب برد غضبه ، أو عن شبهة زالت شبهته بدون هذه المدة ، وانّه ما صالح أبا بكر على مقتضى حديث البخاري ومسلم إلاّ لما ماتت فاطمة عليها السّلام ورأي انصراف وجوه الناس عنه خرج عند ذلك إلى المصالحة ، وهذه صورة حال تدل على انّه ما بايع
[1] - راجع ما ذكره البخاري ومسلم في النصوص التي مر ذكرها عنهما . [2] - تقدم ذلك عن البخاري وغيره ، راجع النصوص التي مرت آنفاً .