لا ريب أنّ مَن غَلَبَ عقله على هواه حصلت لديه قناعة كافية ، بأنّ ظلماً قد جرى فأسقط جنيناً على الثرى ، وبقيت فعال الظالمين السالفين وصمة عار على الخالفين ، وهذا ما أدركه علماء التبرير ، ولابدّ لهم ما داموا وهم من أنصار الخلافة ، أن يغالطوا أنفسهم ليتمكنوا من مغالطة الآخرين ، وهذا ما حدث كما أراه في أقوالهم ، فقد نفوا أن يكون أيّ ظلم لحق بأهل البيت ، ونفوا ذلك جملةً وتفصيلاً من دون حجة مقبولة ، وأنّى لهم إقامة الحجة على ذلك ، وحجتهم دعم الحاكمين ، فهم أقوى سند ، ومنهم المَدد وعليهم المعتمد ، ويكفيهم زرع الشك فيما يرويه أنصار الإمامة ، لأنّهم أقوى منهم شكيمة وأهدى سبيلاً وأقوم قيلاً ، ولو كان ذلك دفعاً بالصدور . وإلى القارئ نماذج مما قاله بعض علماء التبرير : 1 - أبو بكر الباقلاني ( ت 403 ه ) متكلم على مذهب الأشعري ، له نشاط في الرد على المعتزلة والشيعة والخوارج والجهمية وغيرهم ، وكتابه ( التمهيد ) دليل ذلك ما عليه من مزيد . قال في كتابه ( نكت الانتصار لنقل القرآن ) : وأمّا طعن الرافضة على الصحابة فلا يلتفت إليه ، لأنّهم جروا على عادتهم في سب السلف ورميهم بالكفر ، وقولهم : إنّ علياً جرّ إلى بيعة أبي بكر بحبل أسود . . . وإنّ عمر ( رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن ) [1] . وعلى نهج هذا الأشعري في تحامله على الرافضة ، كان نهج المعتزلي كما سيأتي ، فجرى التالون على ما أسّس الأولون ، وما أدري لماذا كل هذا الحقد على الشيعة ؟ فما هو ذنبهم في روايتهم ذلك ؟ فهم لم يبهتوا الصحابة بما لم يكن فيهم ومنهم ، وعلى تقدير ذكرهم يوجب الإدانة ، فليكن الأشعري أو المعتزلي منصفاً