أو ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) ؟ كما مرّ عن البخاري ومسلم . أو ( لا نورّث ما تركناه صدقة ) ؟ وقد مرّ أيضاً . أو ( لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ) ؟ وقد مرّ أيضاً . فبأيّ صيغة قاله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إن صح زعم الزاعم أنّه قال في ذلك شيئاً ؟ ولا بدّ أن تكون الصيغة واحدة ، إذ لا يعقل أنّه قال ذلك مراراً بصيغ متعددة ولم يسمعها منه غير أبي بكر ، كما لا حاجة بنا إلى اتهام أبي بكر في اتيانه بجميع الصيغ المتعددة ما دام التداعي قد انتهى حين رد الزهراء والعباس عند مطالبتهما له بدعوى الميراث ، وما قيل عنه في رد دعوى النحلة لا يستقيم الاحتجاج به ، كما قلنا إنّ الرد برواية لا نورّث لا ينفي المدّعى . ويدلّ على أن تخبّط الرواة من أنصار الخلافة هو السبب في الخلط بين المقامين في التداعي ، والذي يدل على صحة ما قلناه أنه في دعوى النحلة طالب الزهراء عليها السّلام بالشهود ، ولسنا في مقام التبرير أو الإدانة في هذه المسألة ، لكن هل كان من حقه أن يطلب ذلك منها ، وهي صاحبة اليد وهو المدعي ، فعليه هو إقامة البينة على صحة ما يقول . خطبة الزهراء عليها السّلام : ( فإنّها من محاسن الخطب وبدايعها ، عليها مسحة من نور النبوّة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة ، وقد أوردها المؤالف والمخالف ) هكذا قال عنها الإربلي ( ت 692 ه ) ، وقد أوردها في كتابه كشف الغمة نقلاً عن كتاب السقيفة للجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلّفها في ربيع الآخر سنة ( 322 ه ) روى عن رجاله من عدة طرق ، وقد مرّ بنا توثيق الجوهري ، وأنّه عالم محدث ، كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه مصنفاته .