ولتكن لدى القارئ صراحة الحق وجرأة الإيمان ، فيجيب ولا يجمجم في الجواب ، ففاطمة الزهراء عليها السّلام جابهت وجبهت الشيخين بذلك حين أتياها معتذرين ، فلم تعذرهما وقالت لهما : « أرأيتكما إن حدثتكما حديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تعرفانه وتعملان به » ؟ قالا : نعم ، فقالت : « نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني » ؟ قالا : نعم سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قالت : « فإنّي أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأشكونكما إليه » ، فبكى أبو بكر حتى كانت نفسه تزهق وهي تقول : « والله لأدعونّ الله عليكما في كل صلاة أصليها » [1] . فمن غضبت عليه وضلّت تدعو الله عليه لا يجوز لنا أن نتولاه أيّاً كان ذلك الإنسان . مواقف متباينة وأقوال متضاربة : قالت عائشة : ما رأيت أحداً كان أصدق منها - أي فاطمة - إلا أن يكون الذي ولدها صلّى الله عليه وسلّم [2] . وقالت أيضاً : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً وحديثاً برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في قيامه وقعوده من فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [3] . قالت : وكانت إذا دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه [4] .
[1] - راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 13 14 . [2] - أخرجه أبو عمر وعنه في ذخائر العقبى : 44 . [3] - نفس المصدر : 40 . [4] - ذخائر العقبى : 41 ، خرّجه الترمذي وأبو داود والنسائي .