فقام جابر فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إن جاءني مال من البحرين لأعطينك هكذا وهكذا ثلاث مرّات حثاً بيده فقال له أبو بكر : قم فخذ بيدك ، فأخذ فإذا هي خمسمائة درهم ، فقال : عدوا له ألفاً . . . [1] . أقول : ما بال أبي بكر لم يسأل جابراً البينة على دعواه ، كما سأل فاطمة الزهراء عليها السّلام البينة ، وجاءته بعليّ والحسنين وأم أيمن ولم يقنع ، لا بصدق فاطمة لطهارتها وعصمتها بحكم آية التطهير ، ولا بطهارة الحسنين وهما سيدا شباب أهل الجنة ، ولا بشهادة علي عليه السّلام الذي قال فيه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « علي مع الحق والحق مع علي » مضافاً إلى عصمته وطهارته بحكم آية التطهير ، ولا باعترافه بأنّ أم أيمن مشهود لها بالجنة . فهل كان جابر أعلى شأناً وأصدق قيلاً من جميع أولئك ؟ أنّها لقاصمة الظهر ! ! النص الثاني [2] : عن عائشة انّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما أفاء الله على رسوله ، وفاطمة حينئذٍ تطلب صدقة النبي صلّى الله عليه وسلّم التي بالمدينة ، وفَدَك ، وما بقي من خمس خيبر . فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال يعني : مال لله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل ، وإنّي والله لا أغيّر صدقات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن حالها التي كانت عليه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، لأعملنّ فيها بما عمل النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها فعمل ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر من ذلك . . . [3] .
[1] - أخرجه نقلاً عن ابن أبي شيبة ، والحسن بن سفيان ، والبزار ، وابن ماجة في سننه ، ورواه ابن سعد . [2] - كنز العمّال 5 : 351 ، برقم : 2287 . [3] - أخرجه نقلاً عن ابن سعد ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، وابن الجارود ، وأبي عوانة ، وابن حبان ، وابن ماجة في سننه .