أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والله يعلم [1] إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فكنتُ أنا ولي أبي بكر ، فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما عمل فيها أبو بكر [2] ، والله يعلم إنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد ، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وجاءني هذا يريد علياً يريد نصيب امرأته من أبيها ، فقلت لكما إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، فلما بدا لي أن أدفعه إليكما ، قلت : إن شئتما دفعتها إليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وبما عمل فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، فقلتما ادفعها إلينا ، فبذلك دفعتها إليكما ، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قال الرهط : نعم ، ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فإنّي أكفيكماها . أقول : هذا الخبر فيه أكثر من علامة استفهام ، تحاشى جلّ شرّاح صحيح البخاري عن التعرض للإجابة عليها ، إلاّ أن ابن حجر في فتح الباري فقد تعقب الخبر في باب فرض الخمس ، وأطال في تعقيبه باذلاً جهده في بيان اختلاف الرواة في ألفاظ الرواية ، ولا يخلو تعقيبه من فوائد منها :
[1] - هنا أسقط جملة : ( وأنتما تزعمان أنّه فيها ظالم فاجر ) ، كما في المصنف لعبد الزراق 5 : 470 ، وعلّق المحقق في الهامش : انّ الحديث في البخاري ، ولم يشر إلى تغييب الجملة المذكورة . [2] - وهنا أيضاً أسقطت جملة : ( وأنتما تزعمان أنّي فيها ظالم فاجر ) ، وهي كسابقتها مذكورة في الحديث كما رواه عبد الرزاق في المصنف ؛ ومرّ آنفاً ، ويأتي في حديث مسلم في صحيحه : ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً فاجراً ) .