وحيث دلّت الآية الكريمة على مساواة علي للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في جملة من خصائصه إلاّ النبوة ، فيكون علي الذي هو نفس النبي بنص آية المباهلة ، هو المعنيّ بالآية في سورة التوبة ؛ لقوله تعالى : * ( وَلا يَرْغَبُوا بِأنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ) * [1] ، ولو كان الضمير يعود إلى شخص النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لقال : ولا يرغبوا بأنفسهم عنه ، كما هو مقتضى البلاغة . إذن فإنّا يجب علينا أن نتبع علي بن أبي طالب عليه السّلام لأنّه إمام الصادقين ، ولا نرغب بأنفسنا عن نفسه ، لأنّه هو نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّه ليس بنبي كما قال له صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث المنزلة : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّك لست بنبي » ، « إلا أنّه لا نبي بعدي » . وفي ثالث : « علي منّي وأنا من علي » وفي رابع : « لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا وعلي » كما في حديث تبليغ براءة [2] . وقد ذكر السيوطي في تفسيره الدر المنثور [3] تفسير الآيتين الكريمتين : * ( مَا كَانَ لأهْلِ المَدِينَةِ . . ) * إلى آخر الآيتين فذكر حديث المنزلة ، وأنّ علياً هو نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم . كما ذكر نقلاً عن ابن أبي حاتم ، عن الأوزاعي ، وعبد الله بن المبارك ، وإبراهيم بن محمد الفزاري ، وعيسى بن يونس السبيعي ، أنّهم قالوا في قوله تعالى : * ( وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ) * [4] ، قالوا : هذه الآية للمسلمين إلى أن تقوم الساعة .
[1] - التوبة : 120 . [2] - راجع كتاب ( علي إمام البررة ) 2 : 80 95 ، نقلاً عن أكثر من ثمانين مصدراً سنيّاً . [3] - الدر المنثور 3 : 292 . [4] - التوبة : 120 .