2 - وقفة عند الأحداث : تلكم أبعاد الصورة التي وصلت إلينا عن الأحداث ، ولا شك أنّها بقية من ملامح الصورة التي حفظتها ذاكرة الرواة والمؤرخين ، وربما سمحت أولم تسمح بها سلطات الحاكمين ، كما لا شك بأنّ الصورة أصابها من التلميع والتصنيع ، إمعاناً في تضييع التشنيع . لذلك تبينت الصورة باهتة الألوان أحياناً كثيرة ، وربما غير متناسقة الأبعاد ، لاختلاف التسجيل تبعاً للأهواء والآراء ، لكن الحاسة السادسة كما يقولون لها عملها في استنطاق الصورة عما محي منها ، وما بقي معها من خشخشة ووشوشة . ولا شك أنّ المسلم الواعي لدينه تصيبه الصدمة حين يقرأ تلك الأحداث المروعة والمفزعة المفجعة ، كيف يمكن له أن يصدق أنّ رموز الصحابة الّذين عاصروا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وعايشوه سفراً وحضراً ، هم الّذين قاموا بذلك ، كيف لم يمنعهم طول الصحبة ، ولا علقة المصاهرة ، ولا سابقة الإسلام ، عن ارتكاب ما جرى ؟ كيف لم يرعوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاً ولا ذمّة ؟ فلم يحترموا قرباه بمودة جعلها الله تعالى أجر رسالته فقال : * ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ) * [1] .
[1] - سورة الشورى : 23 وانظر الكشاف للزمخشري 4 : 219 ، وتفسير مفاتيح الغيب للرازي 27 : 166 ، ومستدرك الحاكم 3 : 172 ، تجد أنّ الآية الكريمة نزلت في ( عليّ وفاطمة وابناهما ) . وروى ابن حجر المكي في صواعقه في الفصل الأول من الباب : 11 في تفسير الآية : 14 من الآيات التي أوردها في فضل أهل البيت فقال : أخرج أحمد والطبراني والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « عليّ وفاطمة وابناهما » .