ليصل إلى عالم البرزخ ثم عالم البعث والآخرة . وكل نشأة تمثل عالما جديدا بالنسبة لهذا الكائن ، ينسى معها الإنسان حاله وما جرى له في نشأته السابقة ، بسبب العوارض والحجب التي يواجهها . وهذا ما يُظهر فضل نبينا وأوصيائه الأكرمين والزهراء سيدة نساء العالمين ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) فإنهم « عليهم السلام » يشرفون وهم في نشأتهم الأولى على النشآت اللاحقة ولا ينسون شيئاً من السابق ، ولا هم محجوبون عن اللاحق . ولعل ذلك يفسّر لنا قول علي « عليه السلام » : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً . ويوضح لنا كيف أن الزهراء « سلام الله عليها » كانت تحدث أمها وهي في بطنها قبل أن تولد . إبليس يذكّر آدم « عليه السلام » بنهي الله له . ومهما يكن من أمر ، فإن إبليس نفسه قد ذكَّر آدم « عليه السلام » بنهي الله له ، وحدد له المنهي عنه بالإشارة الحسية ، حين قال له : * ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ . . ) * إلخ . فأقدم آدم « عليه السلام » إذن على الأكل من الشجرة ، وهو ملتفت لنهي الله له عنها . ولم يكن ناسياً . . وهذا يؤيد ويؤكد على أن المقصود بالنسيان في قوله تعالى : * ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ) * هو نسيان الميثاق ، لا نسيان النهي عن الشجرة .