نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 379
ومنها أن يكون المعنى أنه جعل ما يصل إليه العقل من تلك الكلمة مدرجا في القلوب ، بما أراهم من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم ، ومنها انه لم يكلف العقول الوصول إلى منتهى دقائق كلمة التوحيد وتأويلها ، بل إنما كلف عامة القلوب بالاذعان لظاهر معناها وصريح مفادها ، وهو المراد بالموصول . ومنها أن يكون الضمير في موصولها راجعا إلى القلوب ، أي لم يلزم القلوب إلا ما يمكنها الوصول إليها من تأويل تلك الكلمة الطيبة ، والدقائق المستنبطة منها أو مطلقا ، قيل : ولولا التفكيك لكان هذا أحسن الوجوه بعد الوجه الأول بل مطلقا . قولها ( عليها السلام ) : ( ( وأنار في التفكر معقولها ) ) الإنارة الإضاءة ، يقال : أنار ينير إنارة أي أضاء فهو منير من النور ، وهو الظاهر في نفسه المظهر لغيره بمعنى الضياء على ما ذكره الجوهري [1] ، فيكون بينهما حينئذ تساو من حيث المعنى ، وأضاء يتعدى ولا يتعدى فيكون أنار أيضا كذلك ، وكذلك أشرق . وقيل : النور هو ما كان بالعرض والتبعية ، والضياء ما كان بالذات والأصالة ، فيكون حينئذ بينهما المباينة ، ويشير إليه قوله تعالى : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) [2] لاكتساب ضوئه كسائر الكواكب من نور الشمس ، ويحتمل أن يكون الضياء هو الفرد القوي من النور ، فيكون بينهما عموم مطلق ولعله الأظهر ، والظاهر أنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا . والنار أيضا مشتقة من تلك المادة بمناسبة الإنارة ، وأصل النار أيضا واوي بدليل تصغيرها على نويرة ، وجمع النور أنوار ، وجمع النار نيران أصله نوران ، والمنارة - بفتح الميم - التي يؤذن عليها ، والتي يوضع عليها السراج والمشعل ونحوهما لإضاءة الأطراف ، والمناسبة واضحة . ثم يطلق النور لكل ما كان سببا للهداية مثل التوفيق ، كقوله تعالى : ( ومن لم