ورد النَسائي مصر ، وانتشرت بها تصانيفه ، وأخذ عنه الناس ، ثُمّ ارتحل منها في أواخر عمره إلى دمشق الشام ، وصنّف بها " الخصائص " في فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأكثر روايته عن أحمد بن حنبل ، فقيل له : ألا تصنّف كتاباً في فضل الصحابة ؟ فقال : دخلت دمشق والمنحرف فيها عن عليّ ( عليه السلام ) كثير فأردت أن يهديهم الله بهذا الكتاب . وقد سئل يوماً عن أمر معاوية وما وضعوه من الرواية في فضائله ؟ فقال : ما أعرف له فضلا ألا لاَ أشبع الله بطنه . وفي رواية : أنّه قال : أما رضي معاوية أن يكون رأساً برأس حتّى أن أزيد له حديث الفضيلة ؟ ! وبالجملة ، فما زال أهل دمشق يدفعون بعد ذلك عن خصائصه إلى أن أخرجوه منها إلى الرملة ، وهي من أرض فلسطين ، فكان مقيماً بها باقي عمره يصوم نهاراً منه ويفطر نهاراً ، تأسّياً برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عمله ذلك للقيام بمقتضى الصبر تكاليف الله والشكر على نعمائه ، فإنّ بهما تمام دين المرء ، كما في الأخبار . ثمّ لمّا مرض مرض الموت أشار إلى أهله بأن يحملوه إلى مكّة المعظّمة فحمل إليها ، وكان به رمق ، توفّي بها في يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة من صفر المظفّر ، وقيل : في شعبان سنة ( 303 ه ) ، وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس صاحب " تاريخ مصر " : إنّ النَسائي قدم مصر قديماً ، وكان إماماً في الحديث ثقةً ثبتاً حافظاً ، وكان خروجه من مصر في ذي القعدة سنة ( 302 ه ) ، كما ذكره ابن خلّكان [1] . 4 - البيهقي : أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي ( 384 - 458 ه ) . ترجم له عبد الغافر الفارسي في " السياق " كما في منتخبه " تاريخ نيسابور " ووصفه بواحد زمانه في الحفظ ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط [2] .
[1] وفيات الأعيان : 1 / 59 . [2] تاريخ نيشابور : 127 رقم 231 .