فوثب سراقة بن مالك بن جعثم المدلجي أحد بني كنانة فقال : أنا لمحمّد يا أبا الحكم . ثمّ إنّه ركب راحلته واستجنب فرسه ، وأخذ معه عبداً له أسود ، كان من الشجعان الموصوفين المشهورين ، فسار [ ا ] في أثر النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) سيراً عنيفاً نحو الساحل فلحقا به . قال : فالتفت أبو بكر فنظر إلى سراقة بن مالك مقبلا ، فقال : يا رسول الله قد دُهِينَا ، هذا سراقة بن مالك قد أقبل في طلبنا ومعه غلامه الأسود المشهور فلان ، فلمّا أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه ، وتناول رمحه ، وأقبل نحوهم ، فلمّا قرب منهم قال النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : اللّهمّ أكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت . قال : فساخت [1] قوائم فرسه في الأرض حتّى لم يقدر الفرس أن يتحرّك . قال : فلمّا نظر سراقة إلى ذلك هاله فرمى بنفسه عن الفرس إلى الأرض ورمى برمحه وقال : يا محمّد أنت آمِن أصحابك فادعُ ربّكَ أن يطلق لي جوادي ولك عليّ عهد وميثاق أن أرجع عنك ولا عليك منّي [ فزع ] فرفع النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) يديه إلى السماء وقال : اللّهمّ إن كان صادقاً فيما يقول فأطلق له جواده . قال : فأطلق الله تعالى قوائم فرسه حتّى وقف على الأرض صحيحاً سليماً ، فأخرج سراقة سهماً من كنانته ودفعه إلى النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : يا محمّد خذ هذا السهم معك فإنّك ستمرّ بإبل لي فيها غلام لي يرعاها [ أمامك ] خذ منها ما شئت فادفع إليه السهم واستعر من أباعري بعيراً أو بعيرين ما أردت توصل به ، ولي غنم أيضاً ترعى أمامك خذ منها ما شئت فاذبحه ، فقال له النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : على أنك تؤمن بالله وتشهد بشهادة الحقّ في وقتك هذا ، فقال : يا محمّد أما الآن فلا ، ولكنّي أصرف عنك الناس ، فقال النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في مالك [2] .