إن شاء الله تعالى [1] . فضرب الله على وجوه القوم فانصرفوا . نقل المسعودي - في شرحه لمقامات الحريري [2] عند ذكره طوق الحمامة في المقامة الأربعين - عن أبي مصعب المكي قال : أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم ، فسمعتهم يتحدّثون في أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليلة الغار ، فقالوا : بعد أن دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الغار [ و ] معه أبو بكر أمر الله سبحانه وتعالى شجرةً فَنَبَتَتْ على فم الغار قبالة وجه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمر حمامتين وحشيّتين فنزلتا بباب الغار ، وأقبل فتيان قريش من كلّ بطن رجل بعِصيّهم وبهراواهم [3] وسيوفهم على عواتقهم ، حتّى إذا كانوا قريباً من الغار ونظروا إلى الحمامتين بباب الغار فرجعوا ، وقالوا : لاَ ننظر بالغار غير حمامتين وحشيّتين ، ولو كان به أحد لطارتا ، فسمت [4] النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) حينئذ على الحمَام ، وفرض جزاءهنّ في قتلهنّ في الحرم ، فكنّ في الحرم آمنات . قوله : " سمت على الحمَام " يعني : قال لهنّ : بارك الله عليكنّ ، يقال : سمت له أي إذا دعا له بالبركة [5] ، انتهى . وما أحسن قول الفيّومي [6] في تخميسه للبردة : هذا الحمَام بباب الغار قد نزلا * والعنكبوت حكت من نسجها حللا فالصاحبان هنا يا قوم ما دخلا * ظنّوا الحمام وظنّوا العنكبوت علا خير البريّة لم تنسج ولم تحم
[1] انظر المصادر السابقة في قصة الغار وقصة مبيت الإمام عليّ ( عليه السلام ) في فراش النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ليلة الهجرة ، وكذلك انظر شواهد التنزيل : 1 / 277 ح 283 و 285 - 288 ، وأمالي الشيخ الطوسي : 1 / 458 . [2] هو الشيخ أبو محمّد القاسم بن عليّ بن محمّد بن عثمان الحريري البصري . [3] في ( أ ، ب ) : وهراولهم . [4] في ( أ ) : سمت ، وفي ( ب ) : فستمت ، وفي نسخة أُخرى : شمت . [5] المقامات الحريرية : 2 / 83 ط بولاق - مصر . [6] الفيّومي : شمس الدين محمّد ، له كتاب تخميس الكواكب الدرية في مدح خير البرية المعروفة بالبردة ، ط مطبعة الشرقية ، 1308 ه : 42 .