فمنها : ما حكاه عنه الذهبي في " تاريخ الإسلام " في وفيات سنة ( 413 ه ) قال : وقد ذكره ابن أبي طيّ في " تاريخ الشيعة " ، فقال : هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل ، كان أوحد زمانه في جميع فنون العلوم : الأُصول ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والقرآن ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، ساد في ذلك كلّه ، وكان يُناظر أهل كلِّ عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية ، والرتبة الجسيمة عند خلفاء العبّاسية . وكان قويّ النفس ، كثير المعروف والصدقة ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، يلبس الخشن من الثياب ، وكان بارعاً في العلم وتعليمه ، مديماً للمطالعة والفكر ، وكان من أحفظ الناس . حدّثني شيخي ابن شهرآشوب المازندراني ، حدّثني جماعة ممّن لقيت : أنّ الشيخ المفيد ما ترك كتاباً للمخالفين إلاّ وحفظه وباحث فيه ، وبهذا قدر على حلّ شبه القوم ، وكان يقول لتلامذته : لاَ تضجروا من العلم فإنّه ما تعسّر إلاّ وهان ، ولا تأبّى إلاّ ولان ، ما قصد الشيخ من الحشوية والجبرية والمعتزلة فأذل له ( كذا ) حتّى أخذ منه المسألة أوسمع منه . وقال آخر : كان المفيد من أحرص الناس على التعليم ، وإن كان ليدور المكاتب وحوانيت الحاكة فيلمح الصبيّ الفطن ، فيذهب إلى أبيه أو أُمّه حتّى يستأجره ثمّ يعلّمه ، وبذلك كثر تلامذته . وقال غيره : كان الشيخ المفيد ذا منزلة عظيمة من السلطان ، ربّما زاره عضد الدولة ، وكان يقضي حوائجه ، ويقول له : اشفع ، تشفّع ، وكان يقوم لتلامذته بكلّ ما يحتاجون إليه . وكان الشيخ المفيد ربعةً نحيفاً أسمر ، وما استغلق عليه جواب معاند إلاّ فزع إلى الصلاة ، ثمّ يسأل الله فييسّر له الجواب . عاش ستّاً وسبعين سنة ، وصنّف أكثر من