الفصل الأوّل في ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه [1]
[1] قال فيه عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي أبو عثمان الجاحظ ( 163 ه - 255 ه ) العدوّ اللدود للإمام عليّ ( عليه السلام ) كبير أئمة الأدب ، ورئيس فرقة الجاحظية من المعتزلة ، وصاحب التصانيف الكثيرة منها كتابه " الحيوان " في أربعة مجلّدات و " البيان والتبيين " و " البخلاء " و " المحاسن والأضداد " وغير ذلك كما ذكر صاحب الأعلام الزركلي في ترجمته : 5 / 74 يقول الجاحظ . لو أفردنا لفضائله - يعني عليّ ( عليه السلام ) - الشريفة ومقاماته الكريمة ودرجاته الرفيعة ومناقبه السنية لأفنينا في ذلك الطوامير والدفاتر العراض ، العرق صحيح من آدم ( عليه السلام ) والنسب صريح ، والمولد مكان معظّم - داخل الكعبة - والمنشأ مبارك مكرّم ، والشأن عظيم ، والعمل جسيم ، والعلم كثير ، وليس له نظير ، والهمّة عالية ، والقوّة كاملة ، والبيان عجيب ، واللسان خطيب ، والصدر رحيب ، فأخلاقه وفق أعراقه ، وحديثه يشهد على تقديمه ، ولا يسعني استقصاء جميع فضله ، ويتعذّر لنا تبيان كلّ حقه ، وإذا كان كتبنا لاَ تحتمل تفسير جميع أمره ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله - إلى أن يقول : - الأب أبو طالب ، والجدّ عبد المطّلب ، وأبو الجدّ هاشم بن عبد مناف بن قصي ، والأُم فاطمة بنت أسد بن هاشم ، الأخ جعفر الطيّار ذو الجناحين يطير مع الملائكة في الجنة ، وعقيل الّذي قال له النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : يا عقيل إنّي أُحبّك حبّين : حبّاً لقرابتك ، وحبّاً لحبّ عمّي أبي طالب إيّاك ، والأخت أُمّ هاني الّتي خرج النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) من بيتها إلى المسجد الأقصى إلى السماوات العلى ، إلى سدرة المنتهى إلى قاب قوسين أو أدنى ، والعمّ حمزة أسد الله وسيّد الشهداء . ثمّ قال : والعمّة صفيّة وعاتكة أسلمتا وهاجرتا إلى المدينة ، وابن العمّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والزوجة فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة . وأُمّ الزوجة خديجة الكبرى سيّدة نساء أهل الجنة ، والولد الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة . . . وهو هاشمي ولد من هاشميين . . . والأعمال الّتي يستحقّ بها الخير الكثير والثواب الكبير أربعة : السبق في الإسلام ، والجهاد في الدين ، ودفع الأعداء عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وعن الدين ، والعلم الكثير ، والفقه في أحكام الله وأسرار القرآن ، والزهد في الدنيا وهي مجتمعة في عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ومتفرّقة في غيره . . . ( انظر رسالة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في غاية المرام والّتي نقلها على ما صرّح به من كتاب كشف الغمّة للإربلي : 1 / 29 ، نهج الحقّ : 253 ) . وها هو حديث تهنئة الشيخين رواه أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنّة كثير وخاصّة عندما نصب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خيمة له ( عليه السلام ) وجلس هو في خيمة أُخرى ، وأمر إطباق الناس بأن يهنِّئوا علياً في خيمته ، وممّن هنّأه من الصحابة عمر بن الخطّاب فقال : هنيئاً لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات . ( انظر روضة الصفا للمؤرخ ابن خاوند شاه المتوفّى سنة ( 903 ه ) : 1 / 2 / 173 . وأخرج الطبري في كتابه الولاية حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم قال : لمّا نزل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بغدير خمّ في رجوعه من حجّة الوداع وكان في وقت الضحى وحرّ شديد أمر بالدوحات فقمّمت ونادى الصلاة جامعة ، فاجتمعنا فخطب خطبةً بالغة ثمّ قال : إنّ الله تعالى أنزل إليَّ : بلّغ ما أُنزل إليك من ربك . . . إلى أن قال ( صلى الله عليه وآله ) : قولوا ما قلت لكم وسلّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين . . . وفي مكان آخر قال ( صلى الله عليه وآله ) : لاَ تحلُّ إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره ، ثمّ رمفه إلى السماء حتّى صارت رجله مع ركبة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) . ولسنا بصدد بيان أنّ الإمام عليّ ( عليه السلام ) هو الّذي اختصّ به لقب أمير المؤمنين بل للإشارة هنا في عنوان ابن الصبّاغ المالكي في قوله في ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه . نقول إنّ ابن الصبّاغ اعتمد على هذا الحديث وغيره ، ولذا قال " أمير المؤمنين " فمن أراد فليراجع المصادر التالية على سبيل المثال لا الحصر ، وقد أسهب في ذكر المصادر العلاّمة الأميني ( رحمه الله ) في كتابه الغدير وخاصةً الجزء الأوّل منه : 214 و 216 ذكر نصّ كلام الحافظ محمّد بن جرير الطبري . وانظر حبيب السير للمؤرّخ غياث الدين : 1 / 3 / 144 ، ومسند أحمد بن حنبل : 4 / 281 ، الصواعق لابن حجر : 26 ، التمهيد في أُصول الدين لأبي بكر الباقلاني : 171 ، الرياض النضرة لمحبّ الدين الطبري : 2 / 169 ، حياة عليّ بن أبي طالب للشنقيطي : 28 ، الملل و النحل المطبوع بهامش الفصل لابن حزم الظاهري : 1 / 220 ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 94 ، التفسير الكبير لفخر الدين الرازي : 3 / 636 النهاية لابن الأثير الشيباني : 4 / 246 . كفاية الطالب للحافظ الكنجي : 16 ، التذكرة لابن الجوزي الحنفي : 18 ، فرايد السمطين للجويني الباب الثالث عشر ، مشكاة المصابيح لوليّ الدين الخطيب : 557 . وانظر أيضاً البداية والنهاية لابن كثير الشافعي : 5 / 209 ، خطط القريزي المصري : 2 / 223 ، بديع المعاني لنجم الدين الشافعي : 75 ، كنز العمّال : 6 / 397 ، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي الشافعي : 2 / 173 ، المواهب اللدنية لشهاب الدين القسطلاني : 2 / 13 ، المراجعات لشرف الدين : تحقيق و تعليق حسين الراضي : 306 وما بعدها المراجعة 54 تحت عنوان شذره من شذور الغدير مع ملاحظة الهوامش . وروى من طريق عائشة ومولاه - رافع - ما ذكره عثمان بن سعد عند ما جاء داقّ فدقّ الباب فخرجت إليه ، فإذا جارية معها إناء مغطّى فرجعت إلى عائشة فأخبرتها فقالت : أدخلها فدخلت فوضعت بين يدي عائشة الإناء ، فوضعته عائشة بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فمدّ يده يأكل فقال : ليت أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وخير أُمّتي يأكل معي ، فقالت عائشة : من أمير المؤمنين خير أُمّتك ؟ فسكت ، ثمّ أعادها ( صلى الله عليه وآله ) فسألته ، فسكت ، فجاء جاء فدقّ الباب ، فجئت إليه ، فإذا عليّ ( عليه السلام ) فرجعت إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فأخبرته ، فقال : أدخله ثمّ قال له : مرحباً وأهلا . . . انظر كشف الغمّة : 1 / 343 ، بحار الأنوار : 32 / 281 نقلا عن كشف اليقين للعلاّمة الحلّي . وذكر ذلك أيضاً ابن شاذان في مائة منقبة : 75 المنقبة الثالثة والأربعون ، وانظر ترجمة الإمام عليّ ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق : 2 / 260 عن بريده قال : أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن نسلّم على عليّ بإمرة أمير المؤمنين ، ونحن تسعة ، وقيل سبعة ، وأنا أصغر القوم يومئذ . ( انظر إحقاق الحقّ للتستري : 4 / 487 ، و : 15 / 222 . غاية المرام : 16 و 17 و 26 باب 8 و 9 من المقصد الأوّل ح 1 و 4 و 6 و 11 و 30 ، إرشاد المفيد : 41 و 42 فصل 6 من الباب 2 ح 2 و 4 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 53 ، البحار : 9 / 256 و 295 ، و : 35 / 37 ، و : 37 / 300 ، تفسير العيّاشي : 2 / 41 ، تفسير البرهان : 2 / 50 ، إثبات الهداة : 3 / 545 ط القديمة .