قريش من أهل مكة فدعاهم ثم استشارهم في أمر الروم ، قال : فذهب أهل مكة ليتكلموا ، فصاح بهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه صيحة أسكتهم ثم أقبل على أبي بكر فقال : يا سبحان الله ! أتجمع من أسلم يوم فتح مكة من فرق السيف مع السابقين من المهاجرين والأنصار ! فقال له أبو بكر : يا أبا حفص ! إنما دعوتهم للمشورة لهذا الامر الذي نحن فيه ولهذا الخبر الذي ورد علينا من أبي عبيدة بن الجراح ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فالمهاجرون والأنصار أولى بالمشورة والانتصاح لهذه الأمة من أهل مكة ، لان هؤلاء إنما قاتلناهم لتكون كلمة الله هي العليا ، وقاتلونا ليطفئوا نور الله بأفواههم جاهدين على قتلنا ، فلما أعز الله عز وجل دعوتنا وصدق أحدوثتنا ونصرنا عليهم تريد أن تقدمهم في الامر وتستنصحهم في المشورة وتدنيهم بين يدي من هو خير منهم [1] ، والله لا تفعل ذلك ! قال فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا أبا حفص ! إنه قد حسن إسلامهم وإنما أردت أن أدنيهم وأقربهم وأنزلهم منازلهم التي كانت منا إليهم ، فأما إذ قلت ما قلت فإن رأيي لرأيك تبع . قال : فشق ذلك على أهل مكة فوثب الحارث بن هشام المخزومي وهو أخو أبي جهل بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو فقالوا : إياك نريد بكلامنا يا عمر ! ولك نخاطب وعليك نعتب ، فأما خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو برئ عندنا من الغيظ والحقد والقطيعة ، فقال عمر : تكلموا بما أحببتم ، فقال سهيل بن عمرو : يا عمر بن الخطاب ! ألسنا إخوانكم في الاسلام وبني أبيكم في النسب ؟ فقال عمر : بلى لعمري إنا لكذلك ! فقال سهيل : فلم تؤخرونا وقد قدمنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال [2] . . . في السابقة . . . سهيل [3] : يا عمر بن الخطاب . . . ( 3 ) منه أشهدكم يا معشر المسلمين . . . ( 4 )
[1] زيد في فتوح الأزدي ص 45 فما نصحنا إذن بصلحائنا الذين كانوا يقاتلونهم في الله حين تقدمهم دونهم فلا نراهم ، اذن وضعهم عندنا جهادهم إيانا ، وجهدهم علينا . [2] كذا بالأصل بياض وفي فتوح الأزدي ص 47 : فقال لهم عمر : إني والله ما قلت ما بلغكم إلا نصيحة لمن سبقكم بالاسلام ، وتحريا للعدل فيما بينكم وبين من هو أفضل منكم من المسلمين . [3] كذا ، وعند الأزدي : فقال سهيل بن عمرو : فإن كنتم إنما فضلتمونا بالجهاد في سبيل الله فوالله لتستكثرن منه . ( 4 ) بياض بالأصل ، وفي الأزدي : أني حبيس في سبيل الله والله لانفقكن .