ولا تفارقه حتى يتوجه [1] إلى العراق وقل له سرا : بأن يذهب مددا إلى المسلمين الذين يحاربون العجم فلعل الله يفتح عليك ، وسوف استدعيك متى لزم الامر ، وحيثما كنت فأنت أمير الجيش ، وليس فوقك أمير سواي . فذهب أبو سعيد إلى خالد وسلمه الرسالة فقال له : يا أبا سعيد ، ما أرى هذا رأي الخليفة ، بل هو من اجتهاد عمر ، لأنه سمع بأني واصلت بني حنيفة ( تزوجت فيهم ) لذا فقد غضب [2] . وعلى كل حال ، فإن خالدا جمع الجنود وأخذ [3] يذكر لهم فضائل الجهاد ثم قرأ عليهم أوامر الخليفة فأجابه الجميع : سمعنا وأطعنا . ثم تحركوا في اليوم وكان الزبرقان بن بدر علي ( ينقل ) الجيش وكان الصديق قد كتب رسالة إلى المثنى بن حارثة [4] : بأني قد كتبت لخالد بن الوليد بأن يسرع لإعانتك فأحسن استقباله واعرف له حقه . وقوله تعالى : ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) [5] تنطبق عليه . ومتى وصل خالد إلى العراق فهو الأمير وأنت الوزير ، وإذا استدعيته ثانية فأنت الأمير . وحين وصلت هذه الرسالة إلى المثنى بن حارثة جمع إليه رجاله وأعوانه وقال لهم : لقد كرمنا الصديق غاية التكريم كما بشرنا بمجيء خالد ، فلنتوقف إذن لحين وصول خالد . وكان خالد من جهته يغذ السير حتى وصل إلى حدود البصرة ، فاستقبله هناك
[1] عند الأزدي ص 65 : لا تفارقه حتى تشخصه منها . [2] زيد عند الأزدي : فأشار على أبي بكر بأن يحولني من مكاني ، لقد أغرى ابن الخطاب بخلافي ( أي حبب إليه خلافه ) . [3] في فتوح الأزدي ص 56 : قام في الناس ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ( ص ) ثم قال : الحمد لله ، والله أهله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أما بعد ، فإن خليفة رسول الله ( ص ) كتب إلينا يحضنا على طاعة ربنا ، وجهاد عدونا وعدو الله ، وبالجهاد في سبيل الله أنجز الله دعوتنا ، وجمع كلمتنا وأمنيتنا والحمد لله رب العالمين ، ألا وأني خارج ومعسكر وسائر - إن شاء الله - ومعجل ، فمن أراد ثواب العاجل والأجل فلينكمش . [4] الكتاب في فتوح الأزدي ص 60 ومجموعة الوثائق السياسية ص 371 باختلاف . [5] سورة الفتح ، آية : 29 .