كان من رأيي ، وقد مضى أبو بكر لسبيله وقد أفضى الامر إلى فانطلقوا إلى أي بلد شئتم فأنتم أحرار لوجه الله تعالى فلا فدية عليكم ، قال : فمضى القوم على وجوههم فمنهم من صار إلى بلده ومنهم من صار إلى البصرة بعد عمارتها ، فيها خطط المهالبة [1] إلى يومنا هذا . ثم رجعنا إلى خبر الأشعث بن قيس ، قال : وسار عكرمة يريد زياد بن لبيد وبلغ ذلك الأشعث بن قيس فانحاز إلى حصن من حصون حضرموت يقال له النجير [2] فرمه وأصلحه ثم جمع نساء قومه وذريته فأدخلهم إلى ذلك الحصن [3] ، وكان للحصن باب عابر [4] المكان يدخل إلى أهل الحصن كلما يحتاجون إليه من الطعام والشراب وغير ذلك . قال : ونادى زياد بن لبيد في أصحابه فجمعهم ثم قال : أيها الناس ! اعلموا أنكم تقاتلون أهل ردة وكفر فأظهروا أسلحتكم واشحذوا سيوفكم وركبوا أسنتكم فإني ناهض إليهم غدا إن شاء الله تعالى ، وهذا عكرمة ابن أبي جهل قد جاءكم مددا لكم في عسكر لجب فأبشروا بالنصر والظفر ، قال : وجعل زياد بن لبيد يحرض من معه من المسلمين على حرب عدوهم . قال : وبلغ ذلك الأشعث بن قيس بأن زياد بن لبيد قد شجع أصحابه على الحرب ، فجعل الأشعث أيضا يحرض أصحابه ويشجعهم ويقول : يا معشر كندة ! لا يهولنكم مدد أعدائكم لأصحابهم فان النصر مع الصبر والقوم مع الصبر لا يثبتون . فقاتلوهم محتسبين واشجروهم بالرماح شجرا [5] وكافحوهم بالصفاح [6] ولا تذلوا بعد
[1] وكان أبو المهلب غلاما لم يبلغ بين الاسرى ، ثم خرج بعد إلى البصرة . [2] النجير : حصن باليمن قرب حضرموت ( معجم البلدان ) . [3] في الطبري : فتحصنوا فيه ( كندة ) ومعهم من استغووا من السكاسك وشذاذ من السكوت وحضرموت ونجير . [4] وقد نزل زياد على سبيل ( باب ) والمهاجر على باب آخر ، والباب الثالث لهم يؤتون منه ويذهبون . إلى أن جاء عكرمة فأنزله على ذلك الطريق ( الباب الثالث ) . فقطع عليهم المواد ، وردهم . ( الطبري 3 / 336 ) . [5] شجره بالرمح شجرا : طعنه . قال في اللسان : وفي حديث الشراة : فشجرناهم بالرماح : أي طعناهم بها حتى اشتبكت فيهم . [6] الصفاح : السيوف العريضة ( اللسان ) .