قيس وأصحابه على جميع المسلمين فهزموهم حتى أدخلوهم مدينة تريم وقد قتل منهم جماعة وجرح منهم بشر كثير . ثم أقبل الأشعث بأصحابه حتى أحدقوا بالمدينة ونزلوا عليها وحاصروا زياد بن لبيد وأصحابه وضيقوا عليهم غاية التضييق [1] . وكتب زياد بن لبيد إلى أبي بكر رضي الله عنه يخبره بقتل الرسول ويعلمه أنه وأصحابه محاصرون في مدينة تريم أشد الحصار ، ثم أثبت إليه في آخر كتابه أبياتا من جملتها : من راكب نحو المدينة مخبرا * رهط الرسول وسادة الأنصار . ذكر المشورة التي وقعت بالمدينة في أمر الأشعث بن قيس وأصحابه . قال : فلما ورد الكتاب إلى أبي بكر رضي الله عنه وقرأه نادى في المسلمين ثم قال : أشيروا على ما الذي أصنع في أمر كندة . قال : فتكلم أبو أيوب الأنصاري فقال : اسمع ما أشير به عليك ، قال أبو بكر : قل حتى أسمع ، فقال : إن القوم كثر عددهم وفيهم نخوة الملك ومنعه ، وإذا هموا بالجمع جمعوا خلقا كثيرا فلو صرفت عنهم الخيل في عامك هذا ، وصفحت عن أموالهم لرجوت أن ينيبوا إلى الحق ، وأن يحملوا الزكاة إليك بعد هذا العام طائعين غير مكرهين ، فذاك أحب إلى من محاربتك إياهم ، فقد علمت أنهم فرسان أبطال لا يقوم لهم إلا نظراؤهم من الرجال ، قال : فتبسم أبو بكر رضي الله عنه من قول أبي أيوب ، ثم قال : والله يا أبا أيوب ! لو منعوني [2] عقالا واحدا مما كان النبي ( صلى الله عليه وسلم وآله ) وظفه عليهم
[1] كذا بالأصل أن الأشعث انتصر على المسلمين في معركة الزرقان أما في الطبري 3 / 335 : فالتقوا بمحجر الزرقان فاقتتلوا به فهزمت كندة ، وقتلت وخرجوا هرابا ، فالتجأت إلى النجير وقد رموه وحصنوه . وقال المهاجر في يوم محجر الزرقان . كنا يرزقان إذ يشردكم * بحر يزجى في موجه الحطبا نحن قتلناكم بمحجركم * حتى ركبتم من خوفنا السببا إلى حصار يكون أهونه * سبي الذراري وسوقها خببا ( وانظر الكامل 2 / 49 ومعجم البلدان زرقان ) . [2] الأثر في غريب الحديث للهروي 2 / 3 والفائق 2 / 174 . قال أبو عبيد ويروى : لو منعوني عناقا . قال الكسائي : العقال صدقة عام وقال الكسائي : بعث فلان على عقال بني فلان إذا بعث على صدقاتهم .