يمنعها شيخ بخد يه الشيب * يلمع كما يلمع الثوب . قال : ثم أقبل حارثة بن سراقة إلى إبل الصدقة فأخرج الناقة بعينها ثم قال لصاحبها : خذ ناقتك إليك فان كلمك أحد فاحطم أنفه بالسيف ! نحن إنما أطعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان حيا ، ولو قام رجل من أهل بيته لاطعناه ، وأما ابن أبي قحافة فلا والله ما له في رقابنا طاعة ولا بيعة ! ثم أنشأ حارثة بن سراقة يقول أبياتا من جملتها : أطعنا رسول الله إذ كان بيننا * فيا عجبا ممن يطيع أبا بكر . قال : فلما سمع زياد بن لبيد هذه الأبيات كأنه أتقى على ما جمع من إبل الصدقة أن تؤخذ [2] فخرج ليلته يريد المسير إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومعه نفر من أصحابه ، فلما سار على مسيرة يومين من القوم كتب إلى حارثة بن سراقة وأصحابه بهذه الأبيات من جملتها : نقاتلهم في الله والله غالب * على أمره حتى تطيعوا أبا بكر . قال : فلما وردت هذه الأبيات من زياد بن لبيد غضبت أحياء كندة لذلك غضبا شديدا فأتت الأشعث بن قيس ، فقال : خبروني عنكم يا معشر كندة إذ كنتم بايعتم على منع الزكاة وحرب أبي بكر فهلا قتلتم زياد بن لبيد فكان يكون الامر في ذلك واحدا كائنا ما كان ، ولكنكم أمسكتم عنه حتى أخذ زكاة أموالكم ثم رحل عنكم إلى صاحبه ، وكتب إليكم يهددكم بالقتل ، فقال له رجل من بني عمه : صدقت والله يا أشعث ! ما كان الرأي إلا قتل زياد بن لبيد وارتجاع ما دفع إليه من إبل الصدقة ، والله ما نحن إلا كعبيد لقريش ! مرة يوجهون إلينا أمية [3] فيأخذون من أموالنا ما يريدون ومرة يولون علينا مثل زياد بن لبيد فيأخذ من أموالنا ويهددنا بالقتل ، والله لا طمعت قريش في أموالنا أبدا ! ثم أنشأ يقول أبياتا من جملتها :
( 1 ) في الطبري 3 / 332 ملمع . [2] في الطبري ذكر أنه بعد أن أطلقت الناقة : ( فأمر به زياد شبابا من حضرموت والسكون ، فمغثوه وتوطئوه وكتفوه وكتفوا أصحابه وارتهنوهم وأخذوا البكرة فعقلوها كما كانت وقال زياد في ذلك : لم يمنع الشذرة أركوب * والشيخ قد يثنيه أرجوب [3] كذا ، لعله يريد المهاجر بن أبي أمية .